للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو الفتح: هو كقوله: وغركم بالله الاغترار، وتقديره على حذف المضاف، أي: وغركم بالله سلامة الاغترار، ومعناه سلامتكم منه مع اغتراركم.

ومن ذلك قراءة الحسن: "أَلَمْا يَأْنِ لِلَّذِينَ"، مثقلة.

قال أبو الفتح: أصل "لما" لم، زيد عليها ما، فصارت نفيا لقوله: قد كان كذا، و"لم" ونفي فعل. تقول: قام زيد، فيقول المجيب بالنفي: لم يقم. فإن قال: قد قام. قلت: لما يقم، لما زاد في الإثبات "قد"- زاد في النفي "ما"، إلا أنهم لما ركبوا "لم" مع "ما" - حدث لها معنى ولفظ.

أما المعنى فإنها صارت في بعض المواضع ظرفا، فقالوا: لما قمت قام زيد، أي: وقت قيامك قام زيد.

وأما اللفظ. فلأنها جاز أن يقف عليها دون مجزومها، كقولك: جئت ولما، أي: ولما تجئ. ولو قلت: جئت ولم-لم يجز.

فإن قلت: فقد علمنا أن أصل لما - على ما وصفت -"لم" و"ما" - حدث لها معنى ولفظ.

أما المعنى فإنها صارت في بعض المواضع ظرفا، فقالوا: لما قمت قام زيد، أي: وقت قيامك قام زيد.

وأما اللفظ. فلأنها جاز أن يقف عليها دون مجزومها، كقولك: جئت ولما، أي: ولما تجيء. ولو قلت: جئت ولم - لم يجز.

فإن قلت: فقد علمنا أن أصل لما -على ما وصفت - "لم" و"ما"، وهما حرفان٢، وأما الظرف فاسم، فكيف جاز للحرف أن يستحيل، فيصير اسما؟

قيل: كما استحال الاسم لما ركب مع الحرف، فاعتد مجموعهما حرفا في قولهم: إذ ما تقم أقم. ألا ترى أن سيبويه ذكر "إذ ما" في الحرف، وقرنها بإن [١٥٧و] في الشرط؟ وذلك أن التركيب يحدث للمركبين حكما مستأنفا، ويخلقه خلقا مرتجلا. ألا ترى إلى قولهم: بأبأت الصبي: إذا قلت له: بأبي أنت، والباء في أوله مزيدة للجر، والثانية أيضا قد يمكن أن تكون للجر كررت، إلا أنك إذا مثلت قلت: هو فعللت، فجعلت الباء الزائدة للجر مقابلة للفاء؟ وكذلك قولهم: بسملت، فالباء من قولهم: "بسم الله"، والسين فاء "اسم"، واللام عين إله، ثم إنك إذا مثلت بسملت قلت: هو فعللت، ومثله حوقلت: إذا قلت: لا حول ولا قوة إلا بالله، ومثال حرقلت: فوعلت، والواو -كما ترى- زائدة،


١ سورة الحديد: ١٦.
٢ في ك: ولما، وهو تحريف.

<<  <  ج: ص:  >  >>