للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[سورة يونس]

بسم الله الرحمن الرحيم

من ذلك قراءة أبي جعفر والأعمش وسهل بن شعيب١: "وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا أَنَّهُ يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ"٢.

قال أبو الفتح: إن شئت كان تقديره: وعد الله حقًّا؛ لأنه يبدأ الخلق ثم يعيده؛ أي: من قدرَ على هذا الأمر العظيم فإنه غني عن إخلاف الوعد، وإن شئت كان تقديره: أي وَعَدَ الله وعدًا حقًّا أنه يبدأ الخلق ثم يعيده، فتكون "أنه" منصوبة بالفعل الناصب لقوله: "وعدًا"، ولا يجوز أن يكون "أنه" منصوبة الموضع بنفس "وَعْد" لأنه قد وصف بقوله حقًّا، والصفة إذا جرت على موصوفها أذِنت بتمامه وانقضاء أجزائه، فهي من صلته، فكيف يوصف قبل تمامه؟ فأما قول الحطيئة:

أَزمعتُ يأْسًا مبينًا من نَوَالِكُمُ ... ولن تَرى طاردًا للحُرِّ كالياس٣

فلا يكون قوله: من نوالكم من صلة يأس من حيث ذكرنا، ألا تراه قد وصفه بقوله: "مبينًا"؟ وإذا كان المعنى لعمري عليه ومُنع الإعراب منه أُضمر له ما يتناول حرف الجر، ويكون يأسًا دليلًا عليه؛ كأنه قال فيما بعد "٧٤و": يئست من نوالكم.


١ هو سهل بن شعيب الكوفي. عرض على عاصم بن أبي النجود وعلى أبي بكر بن عياش، وروى القراءة عنه محمد بن عبد الرحمن الدهقان والحسن بن محمد الحارثي. طبقات القراء لابن الجزري: ١/ ٣١٩.
٢ سورة يونس: ٤.
٣ من قصيدة له في هجاء بني بهدلة بن عوف رهط الزبرقان، وقبله:
لما بدا لي منكم غيب أنفسكم ... ولم يكن لجراحي قبلكم آسي
ويُروى: "للهم" مكان "للحر". الديوان: ٢٨٣ وما بعدها، والخصائص: ٣/ ٢٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>