يطلع الجزء الأول من المحتسب على قرائه، فلا يشهد معنا مطلعه زميلنا الكريم الأستاذ الدكتور عبد الحليم النجار، رحمه الله، وأفاض رضوانه عليه.
لقد شاركنا -رحمه الله- في تحقيق هذا الجزء مشاركة جادة مخلصة، لا يألو فيها جهدًا، ولا يضن بوقت. فكان نعم العون على تمحيص النص، واكتناه الحقيقفة، ونفي الشبهة، وتذليل الصعب، والاهتداء في المشكل إلى الرأي الذي نرتضيه ونظمئن إلى الأخذ به؛ إذ كان -أحسن الله إليه- عالمًا جليلًا، واسع الاطلاع، صادق التجرية، ثاقب النظرة.
ولما أن فرغنا من تحقيق الجزء، وآن له أن يمضي إلى المطبعة، جاءنا نعيه؛ فنعينا بنعيه إلى أنفسنا، وفقدنا بفقده عالمًا كبيرًا، وأخًا كريمًا، وصديقًا عزيزًا، رضي الخلق، طيب المعشر، عذب الروح، جم التواضع، حلو الشمائل.
وإنه ليعز علينا كثيرًا ألا يقدر لنا وللمحتسب أن يمضي معنا فيه إلى نهايته؛ فيكون لجزئه الثاني منه مثل ما كان لجزئه الأول؛ ولكنها إرادة الله التي لا رادَّ لها، وحكمه الذي لا معقب له.
على أننا سنمضي -إن شاء الله- في الجزء الثاني على النهج الذي هدانا إليه النظر، واستقرت بنا عنده التجرية.
وليس يسعنا في هذا المقام إلا أن نتوجه إلى ذكرى زميلنا الكريم بالتحية والإجلال، وإلى الله العلي القدير أن يكرم مثواه، وينزله منازل الأبرار من العاملين المخلصين، وأن يجمل عزاءنا وعزاء أسرته وعزاء العلم والفضل فيه.