للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سورة محمد صلى الله عليه وسلم:

بسم الله الرحمن الرحيم

قرأ علي وابن عباس "رضي الله عنهما": "مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ١".

قال أبو الفتح: هذه القراءة دليل على أن القرءة العامة التي هي "مثل"، بالتوحيد - بلفظ الواحد ومعنى الكثرة؛ وذلك لما فيه من معنى المصدرية؛ ولهذا جاز مررت برجل مثل رجلين وبرجلين مثل رجال، وبامرأة مثل رجل، وبرجل مثل امرأة. ألا ترى أنك تستفيد في أثناء ذلك معنى التشبيه والتمثيل؟

ومثل ومثل بمعنى واحد، كشبه وشبه، وبدل وبدل.

فإن قيل: فإنه لم يأت عنهم ضربت له مثلا، كما يقال: ضربت له مثلا.

قيل: المعنى الواحد، وإن لم يأت الاستعمال به، كما أتى الآخر في هذا المعنى. ألا ترى أنك لا تضرب مثلا إلا بين الشيئين اللذين كل واحد منهما مثل صاحبه، ولو خالفه فيما ضربته فيه لم تضربه مثلا؟

ومن ذلك قراءة أهل مكة -فيما حكاه أبو جعفر الرواسي٢: "إنْ تَأْتِهِمُ٣"، بكسر الألف من غير ياء.

قال أبو الفتح: هذا على استئناف شرط؛ لأنه وقف على قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَة} ، ثم قال: {أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} فأجاب الشرط بقوله: {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}


١ سورة محمد: ١٥.
٢ هو أبو جعفر محمد بن أبي سارة الرؤاسي، وسمي الرؤاسي لكبر رأسه. وهو أستاذ الكسائي والفراء، وأول من ألف من الكوفيين كتابا في النحو، وكان رجلا صالحا. ومن كتبه كتاب الفيصل، وكتاب التصغير، وكتاب معاني القرآن. الفهرست: ٩٦، وبغية الوعاة: ٣٣
٣ سورة محمد: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>