للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في صلة الجزاء، والجزاء مرفوع بالابتداء، وخبره محذوف؛ أي: فعليه جزاءٌ مثلَ ما قتل، أو فالواجب عليه جزاءٌ مثل ما قتل، فلما نوَّن المصدر أَعمله كقوله:

بضربٍ بالسيوف رءوسَ قوم ... أزَلْنَا هَامَهُنَّ عن الْمَقيل١

ومن ذلك قراءة محمد بن علي وجعفر بن محمد: "يَحْكُمُ بِهِ ذُو عَدْلٍ مِنْكُمْ"٢.

قال أبو الفتح: لم يوحِّد ذو؛ لأن الواحد يكفي في الحكم؛ لكنه أراد معنى مَنْ؛ أي: يحكم به مَنْ يعدل، ومن تكون للاثنين كما تكون للواحد، نحو قوله:

نَكُنْ مثلَ من يا ذئبُ يصطحبانِ٣

ومن ذلك قراءة ابن عباس: "وحَرَّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدَ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حَرَمًا"٤.

قال أبو الفتح: معنى "حَرَمًا" راجع إلى معنى قراءة الجماعة "حُرُمًا"؛ وذلك أن الْحُرُم جمع حرام، والْحَرَم المحرَّم، فهو في المعنى مفعول، فجعلهم حَرَمًا؛ أي: هم في امتناعهم مما يمتنع منع الْمُحْرِم، وامتناع ذلك أيضًا منهم كالْحَرَم، فالمعنينان إذن واحد من حيث أَرينا.

ومن ذلك قراءة إبراهيم: "قد سِالَهَا"٥ بكسر السين.

قال أبو الفتح: يعني ويريد الإمالة؛ لأن الألف لا يكون ما قبلها أبدًا إلا مفتوحًا، ووجه الإمالة أنه على لغة من قال: سِلتَ تسال، فهي في هذه اللغة كخفتَ تخاف، فالإمالة إذن إنما


١ المقيل: يريد بها الأعناق؛ لأنها مقيل الرءوس وموضع استقرارها. الكتاب: ١/ ٦٠، ٩٧.
٢ سورة المائدة: ٩٥.
٣ صدره:
تعشن فإن واثقتني لا تخونني
والبيت للفرزدق. انظر: الديوان: ٢/ ٨٧٠.
٤ سورة المائدة: ٩٦.
وقراءة الجماعة: {وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} .
٥ سورة المائدة: ١٠٢، وفي الأصل "سألها" بهمز الألف، وهو لا يتفق مع الاحتجاج للقراءة، وقال في البحر ٤/ ٣٢: وقرأ الجمهور: {سَأَلَهَا} بفتح السين والهمز، وقرأ النخعي بكسر السين من غير همز؛ يعني: بكسر الإمالة وجعل الفعل من مادة سين واو لام، لا من مادة سين وهمزة ولام، وهما لغتان ذكرهما سيبويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>