للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك قراءة علي -كرم الله وجهه- والشعبي بخلاف ونعيم بن ميسرة١: "شهادةً آلله"٢.

ورُوي عن الشعبي: "شهادةً أًللهِ" مقصور وينون شهادة.

ورُوي عنه أيضًا: "شهادهْ آللهِ" مجزومة الهاء ممدودة الألف.

ورُوي عنه "شهادهْ أللهِ" بجزم شهادة وقصر الله.

فهذه أربعة أوجه رُويت عن الشعبي، وتابعه على "شهادةً أَللهِ" السلمي ويحيى وإبراهيم وسعيد بن جبير ويحيى بن يعمر والحسن والكلبي.

قال أبو الفتح: أما "شهادةً" فهي أعم من قراءة الجماعة: {شَهَادَةَ اللَّهِ} بالإضافة، غير أنها بالإضافة أفخم وأشرف وأحرى بترك كتمانها لإضافتها إلى الله سبحانه، وأما "ألله" مقصورة بالجر فحكاها سيبويه: أن منهم من يحذف حرف القسم ولا يعوض منه همزة الاستفهام، فيقول: أللهِ لقد كان كذا، قال: وذلك لكثرة الاستعمال.

وأما "آلله" بالمد، فعلى أن همزة الاستفهام صارت عوضًا من حرف القسم، ألا تراك لا تجمع بينهما فتقول: أولله لأفعلن؟

وأما سكون هاء "شهادة"، فللوقف عليها ثم استؤنف القسم، وهو وجه حسن؛ وذلك ليُستأنف القسم في أول الكلام فيكون أوقر له وأشد هيبة من أن يدرج في عرض القول؛ وذلك أن القسم ضرب من الخبر يُذْكَر ليؤكد به خبر آخر، فلما كان موضع توكيد مُكِّنَ من صدر الكلام، وأُعطي صورة الإعلاء والإعظام.

ويزيد في وضوح هذا المعنى وبيانه أنه لما نون شهادة فأَدرج وقَّر الهمزة عن حذفها كما يجب فيها من حيث كانت همزة وصل، فأقرها مقطوعة كما تُقطع مبتدأة، فقد جمع في هذه القراءة بين حالي الوصل والوقف.

أما الوصل فلتنوين شهادة، وأما الوقف فلإثباته همزة الوصل التي إنما تُقطع إذا وُقف على ما قبلها ثم استؤنفت، والعناية بقطعها واستئنافها ما قدمت ذكره لك من تمكن حال القسم بتوفية


١ هو نعيم بن ميسرة أبو عمرو النحوي، نزل الري وكان ثقة، روى القراءة عرضًا عن عبد الله بن عيسى بن علي، وروى الحروف عن أبي عمرو وعاصم بن أبي النجود، وروى القراءة عنه عرضًا محمد بن أبي ليلى بن السائب، وروى الحروف عنه علي بن حمزة الكسائي، توفي سنة ١٧٤. طبقات القراء: ٢/ ٣٤٢، ٣٤٣.
٢ من قوله تعالى: {وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ} . سورة المائدة: ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>