للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لزيد، تعلقها بالظرف النائب عن المحذوف في نحو قولك: أزيد عندك لتنتفع بحضوره؟ وزيد بين يديك ليُؤْنِسك.

فاللام هنا متعلقة بنفس الظرفين اللذين هما عندك وبين يديك.

وعلى كل حال، فمعنى القراءة بقوله: {مَاءً لِيُطَهِّرَكم بِهِ} ، والقراءة بقوله: "مَا لِيطَهَّركم به" يرجعان إلى شيء واحد، إلا أن أشدهما إفصاحًا بأن الماء أُنزل للتطهر به هي قراءة مَن قرأ: {مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ} ؛ لأن فيه تصريحًا بأن الماء أنزل للطهارة، وتلك القراءة الشاذة إنما يُعْلَم أنه أُنزل للطهارة به، فالقراءة الأخرى وبغيرها مما فيه إصراح بذلك.

وعلى كل حال، فلام المفعول له لا تتعلق بمحذوف أبدًا، إنما تعلقها بالظاهر، فعلًا كان أو غيره مما يُقام مقامه.

ومن ذلك قراءة أبي العالية١: "رِجْسَ الشيطان"٢ بالسين.

قال أبو الفتح: كل شيء يُستقذَر عندهم فهو رجس، كالخنزير ونحوه.

وفيما قرئ على أبي العباس أحمد بن يحيى٣ قال: الرجس في القرآن: العذاب كالرجز، ورجس الشيطان: وسوستُه وهمزُه ونحو ذلك من أمره، والرجز: عبادة الأوثان، ويقال: هو إثم الشرك كله.

وقرئ: "وَالرِّجْزَ وَالرُّجْزَ"٤ جميعًا "فَاهْجُرْ"، قال: وقال بعضهم: أراد به الصنم. قال: وكل عذاب أُنزل على قوم فهو رجز، ووسواس الشيطان رجز، وقد ترى إلى تزاحم السين والزاي في هذا الموضع، فقراءة الجماعة: {رِجْزَ الشَّيْطَانِ} معناه كمعنى رجس الشيطان.


١ هو رفيع بن مهران، أبو العالية الرياحي، من كبار التابعين. أسلم بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- بسنتين، وأخذ القرآن عرضًا عن أبي بن كعب وزيد بن ثابت وابن عباس. وصح أنه عرض على عمر. وقرأ عليه شعيب بن الحبحاب والحسن بن الربيع بن أنس والأعمش وأبو عمرو على الصحيح. مات سنة ٩٠، وقيل: سنة ٩٦. طبقات القراء لابن الجزري: ١/ ٢٨٤.
٢ سورة الأنفال: ١١.
٣ هو أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار الشيباني، الإمام اللغوي أبو العباس ثعلب، النحوي البغدادي، ثقة كبير. له كتاب في القراءات وكتاب الفصيح، روى القراءة عن سلمة بن عاصم ويحيى بن زياد الفراء. وروى القراءة عنه أحمد بن موسى بن مجاهد ومحمد بن القاسم الأنباري ومحمد بن فرج الغساني. ولد سنة ٢٠٠، وتوفي يوم السبت عاشر جُمادى الأولى سنة ٢٩١. طبقات القراء لابن الجزري: ١/ ١٤٨.
٤ الضم في آية الأنفال قراءة ابن محصين. البحر المحيط: ٤/ ٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>