للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومصعب نفسه هو الأشعث، وعليه قول طرفة:

جازت القومَ إلى أرحُلنا ... آخر الليل بيعفور خَدِر١

وهي نفسها عنده اليعفور.

أنشدنا أبو علي:

أفاءت بنو مروان أَمسِ دماءَنا ... وفي الله إن لم يحكموا حَكَم عدل٢

وهو سبحانه أعرف المعارف، وقد سماه الشاعر حكمًا عدلًا، فأَخرج اللفظ مخرج التنكير، فقد ترى كيف آل الكلام من لفظ التنكير إلى معنى التعريف، وفيه مع ذلك لفظ الرضا باليسير، فإذا٣ جاز أن يَرضى الإنسان من مخلوق مثله بما رضي به الشاعر من محبوبه بما دل عليه قوله، أنشده ابن الأعرابي:

وإني لأَرضى منك يا ليلُ بالذي ... لو أبصره الواشي لقرَّت بلا بِلُهْ

بلا وبأن لا أستطيع وبالْمُنى ... وبالوعد حتى يسأم الوعد آمله

وبالنظرة العَجْلى وبالحول تنقضي ... أواخره لا نلتقي وأوائله٤

وأنشدني بعض أصحابنا لبعض المولدين:

عدينا واكذبينا وامطلينا ... فقد أومنت من سوء العقاب

فلسنا من وعيدك في ارتياب ... ولا من صدق وعدك في اقتراب

ولكنا لشؤم الْجَدِّ منا ... نَفِر من العذاب إلى العذاب

وعليه قول الآخر:

عَلِّليني بموعد ... وامطلي ما حييت به

ودعيني أعيش منـ ... ـك بنجوى تطلُّبه

فعسى يعثر الزما ... ن بجنبي فينتبه٥


١ يروى البيد مكان القوم، جازت: أي جاز خيالها، وأنثه لأنه كأنه هي والخبر عنه خبر عنها، وإنما قال: آخر الليل؛ لأن التعريس -أي النزول وقطع السير- يكون أخر الليل، وعند التعريس والنوم يأتيه خيالها، اليعفور: ظبي تعلوه حمرة، الخدر: الفاتر العظام البطيء عند القيام. انظر الديوان: ٦٨، والخصائص: ٢/ ١٧٧، ٤٧٥.
٢ ورد هذا البيت في معاهد التنصيص ٣/ ١٦، وفيه الشطر الأول هكذا:
أفادت بنو مروان قيسًا دماءنا
ولم ينسبه. وورد في حماسة ابن الشجرى: ٤، في أبيات لأبي الخطار الكلبي هكذا:
أفادت بنو مروان قيسًا دماءنا ... وفي الله إن لم ينصفوا حكم عدل
انظر: الحصائص: ٢/ ٤٧٥.
٣ جواب: "فاذا جاز أن يرضى ... " قوله في الصفحة التالية: "كان العبد البر.... أحرى ... ".
٤ لجميل، وروي:
وإني لأرضى من بثينة بالذي
وانظر: الأغاني: ٧/ ٨٠ طبعة الساسي.
٥ كذا في ك، وفي الأصل ورد البيت الأول في الصلب والبيتان بعده في الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>