للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: تنْبُتُ ودهنها فيها، وكذلك من قرأ: "تَنْبُتُ"، أي: تنبت على هذه الحال، وكذلك أيضا من قرأ: "تَنْبِتُ بِالدُّهْنِ" قد حذف مفعولها، أي: تنبت ما تنبته ودهنها فيها وذهبوا في قول زهير:

حتَّى إذا أنْبَتَ البَقْلُ١

إلى أنه في معنى نَبَتَ وأنها لغة: فَعَلْت وأفْعَلَت. وقد يجوز أن يكون على هذا أي: محذوف المفعول، أي: حتى إذا أنبتَ البقلُ ثمرَهُ. ونحن نعلم أيضا أن الدهن لا ينبِت الشجرة، وإنما ينبتها الماء. ويؤكد ذلك أيضا قراءة عبد الله: "تَخْرُجُ بالدُّهنِ"، أي: تخرج من الأرض ودهنها فيها.

فأما من ذهب إلى زيادة الباء، أي: تنبِت الدهن، فمضعوف المذهب، وزائد حرفا لا حاجة به إلى اعتقاد زيادته مع ما ذكرناه من صحة القول عليه، وكذلك قول عنترة:

شَرِبَتْ بماءِ الدَّحْرُضَيْنِ٢

ليس عندنا على زيادة الباء، وإنما هو على شربت في هذا الموضع ماء، فحذف المفعول. وما أكثر وأعذب وأعرب حذف المفعول وأدله على قوة الناطق به!


١ البيت بتمامه:
رأيت ذوي الحاجات حول بيوتهم ... قطينا لهم حتى إذا أنبت البقل
وقبله:
إذا السنة الشهباء بالناس أجحفت ... ونال كرام الناس في السنة الأكل
ويروى: الحمراء مكان الشهباء. والحجرة مكان السنة، وروي مكانها أيضا الأزمة. والسنة الشهباء: هي البيضاء ليس فيها نبت لكثرة ثلجها. والحجرة: السنة الشديدة تحجر الناس، أي: تدخلهم بيوتهم لكثرة ثلجها. والأكل: يريد أنهم لا يجدون لبنا يشربون لأن الماشية لا تنتج، فينحرون الإبل ويأكلون لحومها. والقطين: الساكن النازل في الدار. يريد أن الناس يقيمون بينهم زمن الجدب حتى يخصبوا. الديوان: ١١ واللسان: "نبت"
٢ بعض قوله في المعلقة:
شربت بما الدحرضين فأصبحت ... زوراء تنفر عن حياض الديلم
والدحرضين: الدحرض ووسيع، وهما ماءان، وقد ثناهما الشاعر على سبيل التغليب. وهو خلاف تفسير المؤلف. وزوراء مائلة. وحياض الديلم: يعنى مياه الديلم. وقيل: أن العرب تسمى الأعداء ديلما، لأن الديلم صنف من أعدائها. يريد أن ناقته شربت من مياه الدحرضين، فأصبحت تنفر عن مياه الديلم أو مياه الأعداء. الديوان: ١٢٤، وشرح المعلقات السبع للزوزني: ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>