للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعليه العمل لا على ما يحرك في الوصل المنفصل لالتقاء الساكنين، إلا أن له أن يقول: شَبهتُ سكونا بسكون، فحركتُ ميمَ "ميمَ" بإلقاء حركة الهمزة، كما حركت دال "قدَ أفْلَح" كذلك.

ومن ذلك قراءة علي١ بن أبي طالب كرم الله وجهه: "فَلَيُعْلِمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيُعْلِمَنَّ الْكَاذِبِين"٢ برفع الياء فيهما، وكسر اللام.

وقرأ الزهري: "فَلَيَعْلَمَنَّ" مثل قراءة الناس، وقرأ: "١٢٣ظ" "وَلَيُعْلِمَنَّ الْكَاذِبِين" كقراءة علي:

وقرأ جعفر بن محمد ومحمد بن عبد الله بن حسن، كقراءة علي عليه السلام.

وقرأ الزهري: "فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمنوا" كقراءة الناس أيضا، "ولَيَعْلَمَنَّ المنافقين".

قال أبو الفتح: أما "فَلَيَعْلَمَنَّ"، بفتح الياء واللام فإنها على إقامة السبب مقام المسبب، والغرض فيه: فليكافئن الله الذين آمنوا، وذلك أن المكافأة على الشيء إنما هي مسببة عن علم، ولو لم يعلم لما صحت المكافأة. ومثله من إقامة السبب مقام المسبب قول الله سبحانه: {كَانَا يَأْكُلانِ الطَّعَامَ} ٣، فهذا سبب قضاء الحاجة المكنّى بذكره عنها. وقد أفردنا لهذا الفصل من إقامة كل واحد من السبب والمسبب مقام صاحبه بابا في كتاب الخصائص٤.

وأما قوله: "وَلَيُعْلِمَنَّ"٥ فمعناه: ولَيُعَرِّفَنَّ الناس من هم؟ فحذفتَ المفعول الأول، كما قال الله تعالى: "يَوْمَ يُدْعُى كُلُّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ"٦، وكقوله: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ} ٨. جاء في التفسير أنها زُرْقَة العيون، وسواد الوجوه. ويشهد لهذا قوله تعالى: {وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا} ، وقيل في زرقا: أي: عطاشا، ومنه سنان أزرق، أي: ظمآن إلى الدم.


١ في ك: علي، كرم الله وجهه.
٢ سورة العنكبوت: ٣.
٣ سورة المائدة: ٧٥.
٤ الخصائص: ٣: ١٧٣-١٧٧.
٥ في ك: "فليعلمن".
٦ سورة الإسراء: ٧١، و"يدعى" قراءة الحسن كما في البحر: ٦: ٦٢.
٧ سورة الرحمن: ٤١.
٨ سورة طه: ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>