الثقات فهو داخل في علم العلل، ولا أنسى أن أقول: إن معيار خفائه سؤال الحفاظ عنه، ووروده في كتب العلل.
وأما ما نجده في كتب العلل من أحاديث أعلت بالجرح كأن يقال في أحد رواتها: متروك أو منكر الحديث، أو ضعيف، فيمكن حمل هذه القوادح على علم العلل وإلحاقها به إذا وردت في أحاديث الثقات، كرواية الزهري عن سليمان بن أرقم، ورواية مالك عن عبد الكريم أبي أمية، ورواية الشافعي عن إبراهيم بن أبي يحيى، فرواية هؤلاء الأئمة الجهابذة عن هؤلاء الضعفاء توقع كثيرين في العلة اعتمادا على تثبت هؤلاء الأئمة، ومكانة الزهري ومالك والشافعي تخفي أمر هؤلاء المتروكين والضعفاء.
وقد يلتبس أمر راو ما على أحد الحفاظ النقاد، فيروي عنه، ويكون الحديث معلولا بجهالة أمر هذا الراوي أو بنكارته، ولا تدرك هذه الجهالة والنكارة إلا بمعرفة كبار النقاد.
وهذا تخريج لوجود مثل هذه القوادح التي ذكرت في كتب العلل.
وقد ذكر أكثر المصنفين في علوم الحديث أن العلة قد تطلق على أنواع من الجرح، وذلك بعدما ذكروا أن غالب العلل في أحاديث الثقات، ولذلك نجد ابن الصلاح يقول:"وقد يعلون بأنواع الجرح من الكذب والغفلة وسوء الحفظ وفسق الراوي، وذلك موجود في كتب علل الحديث"، وهذا ما ذكره ابن كثير والعراقي، ولكنهم لم يحاولوا تخريج وجود هذه الأنواع في كتب العلل. أما السخاوي فقد تنبه لهذا فقال: ولكن ذلك منهم - أي أصحاب كتب العلل الذي يعلون بالجرح - بالنسبة للذي قبله قليل، على أنه يحتمل أيضا أن التعليل بذلك من الخفي لخفاء وجود طريق آخر ليخبر بها ما في هذا من ضعف، فكأن المعلل أشار إلى تفرده.