كتب الغريب دون المشهور، وسماع المنكر دون المعروف، والاشتغال بما وقع فيه السهو والخطأ، من رواية المجروحين والضعفاء حتى لقد صار الصحيح عند أكثرهم مجتنباً، والثابت مصدوفاً عنه مطرحاً، وذلك لعدم معرفتهم بأحوال الرواة ومحلهم، ونقصان علمهم بالتمييز، وزهدهم في تعلمه.
وهذا خلاف ما كان عليه الأئمة من المحدثين الأعلام من أسلافنا الماضين.
وهذا الذي ذكره الخطيب حق. ونجد كثيراً ممن ينتسب إلى الحديث، لا يعتني بالأصول الصحاح كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة، وبمثل مسند البزار، ومعاجم الطبراني، وأفراد الدارقطني، وهي مجمع الغرائب والمناكير.
"أنواع الغريب"
ومن جملة الغرائب المنكرة الأحاديث الشاذة المطرحة، وهي نوعان:
- ما هو شاذ الاسناد، وسيذكر الترمذي، فيما بعد، بعض أمثلته.
- وما هو شاذ المتن كالأحاديث التي صحت (الأحاديث) بخلافها، أو أجمعت أئمة العلماء على القول بغيرها، وهذا كما قاله أحمد في حديث أسماء بنت عميس:
"تسلبي ثلاثاً، ثم اصنعي ما بدا لك".
إنه من الشاذ المطرح، مع أنه قد قال به شذوذ من العلماء في أن المتوفى عنها لا إحداد عليها بالكلية، كما سبق ذكره في موضعه.