وأما الحديث الحسن فقد بين الترمذي مراده بالحسن: وهو ما كان حسن الإسناد.
وفسر حسن الإسناد: بأن لا يكون في إسناده متهم بالكذب، ولا يكون شاذاً، ويروى من غير وجه نحوه، فكل حديث كان (كذلك) فهو عنده حديث حسن.
وقد تقدم أن الرواة منهم من يتهم بالكذب، ومنهم من يغلب على حديثه الوهم والغلط، ومنهم الثقة الذي يقل غلطه، ومنهم الثقة الذي يكثر غلطه.
فعلى ما ذكره الترمذي: كلما كان في إسناده متهم فليس بحسن، وما عداه فهو حسن، بشرط أن لا يكون شاذاً.
والظاهر أنه أراد بالشاذ ما قاله الشافعي، وهو أن يروي الثقات عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ خلافه بشرط أن لا يكون شاذاً.
وبشرط أن يروى نحوه من غير وجه، يعني أن يروي معنى ذلك الحديث من وجوه أخر عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بغير ذلك الإسناد. فعلى هذا الحديث الذي يرويه الثقة العدل، ومن كثر غلطه، ومن يغلب على حديثه الوهم إذا لم يكن أحد منهم متهماً، كله حسن؛ بشرط أن لا يكون شاذاً، مخالفاً للأحاديث الصحيحة، وبشرط أن يكون معناه قد روي من وجوه متعددة.
فإن كان مع ذلك من رواية الثقات العدول الحفاظ، فالحديث حينئذ "حسن صحيح".
وإن كان مع ذلك من رواية غيرهم من أهل الصدق، الذين في حديثهم وهم وغلط، إما كثير، أو غالب عليهم، فهو حسن، ولو لم يرو لفظه إلا من ذلك الوجه، لأن المعتبر أن يروى معناه من غير وجه، لا نفس لفظه.