وعلى هذا التفسير الذي ذكرناه لكلام الترمذي إنما يكون الحديث صحيحاً حسناً إذا صح إسناده، برواية الثقات العدول، ولم يكن شاذاً، وروى نحوه من غير وجه وأما الصحيح المجرد فلا يشترط فيه أن يروى نحوه من غير وجه، لكن لا بد أن لا يكون ـ أيضاً ـ شاذاً، (وهو ما روت الثقات بخلافه على ما يقوله الشافعي والترمذي) فيكون حينئذ الصحيح الحسن أقوى من الصحيح المجرد.
وقد يقال: إن الترمذي إنما يريد الحسن ما فسره به ههنا، إذا ذكر الحسن مجرداً عن الصحة، فأما الحسن المقترن بالصحيح فلا يحتاج (إلى) أن يروى نحوه من غير وجه، لأن صحته تغني عن اعتضاده بشواهد أخر، والله أعلم.
"تخريج قول الترمذي: حسن صحيح وحسن غريب"
وقد اضطرب الناس في جمع الترمذي بين الحسن والصحيح، لأن الحسن دون الصحيح، فكيف يجتمع الحسن والصحة، وكذلك جمعه بين الحسن والغريب (فإن الحسن عنده ما تعددت مخارجه، والغريب) ، ما لم يرو إلا من وجه واحد.
"المذهب الأول":
فمنهم من قال: إن مراده أنا لحديث حسن لثقة رجاله، وارتقى من الحسن إلى درجة الصحة، لأن رواته في نهاية مراتب الثقة، فحديثهم (حسن صحيح) ، لجمعهم بين صفات من يحسن حديثه، وصفات من يصحح حديثه، وعلى هذا فكل صحيح حسن، ولا عكس، ولهذا لا يكاد يفرد الصحة عن