يعرفوا، لأن بعضهم - من الذين ضعفوا - كان صاحب بدعة وبعضهم كان متهما في الحديث، وبعضهم كانوا أصحاب غفلة وكثرة خطأ، فأراد هؤلاء الأئمة أن يبينوا أحوالهم، شفقة على الدين وتثبيتا، لأن الشهادة في الدين أحق أن يتثبت فيها من الشهادة في الحقوق والأموال.
"وجوب الكلام في الجرح والتعديل"
مقصود الترمذي - رحمه الله - أن يبين أن الكلام في الجرح والتعديل جائز، قد أجمع عليه سلف الأمة وأئمتها، لما فيه من تمييز ما يجب قبوله من السنن مما لا يجوز قبوله.
وقد ظن بعض من لا علم عنده أن ذلك من باب الغيبة، وليس كذلك، فإن ذكر عيب الرجل إذا كان فيه مصلحة، ولو كانت خاصة كالقدح في شهادة شاهد الزور، جائز بغير نزاع، فما كان فيه مصلحة عامة للمسلمين أولى.
وروى ابن أبي حاتم، بإسناده، عن بهز بن أسد، قال:
لو أن لرجل على رجل عشرة دراهم، ثم جحده، لم يستطع أخذها منه إلا بشاهدين عدلين، فدين الله أحق أن يؤخذ في بالعدول.
وكذلك يجوز ذكر العيب إذا كان فيه مصلحة خاصة، كمن يستشير في نكاح أو معاملة، وقد دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت قيس:
"أما معاوية فصعلوك لا مال له، وأما أبو جهم فلا يضع العصا عن عاتقه".