لكتاب بذكره، كله يدور على أن مجرد ثبوت الرواية لا يكفي في ثبوت السماع، وأن السماع لا يثبت بدون التصريح به. وأن رواية من روى عمن عاصره تارة بواسطة، وتارة بغير واسطة، يدل على أنه لم يسمع منه، إلا أن يثبت له السماع منه من وجه".
[خلاصة رد ابن رجب على الإمام مسلم:]
ويخلص ابن رجب - رحمه الله تعالى - بعد كل هذه الأدلة التي تنقض قول الإمام مسلم - رحمه الله - واعتراضه على البخاري إلى القول:
"فإذا كان هذا هو قول هؤلاء الأئمة الأعلام، وهم أعلم أهل زمانهم بالحديث وعلله وصحيحه وسقيمه مع موفقة البخاري وغيره فكيف يصح لمسلم - رحمه الله - دعوى الاجماع على خلاف قولهم، بل اتفاق هؤلاء الأئمة على قولهم هذا يقتضي حكاية إجماع الحفاظ - المعتد بهم - على هذا القول، وأن القول بخلاف قولهم لا يعرف عن أحد من نظرائهم، ولا عمن قبلهم ممن هو في درجتهم وحفظهم، ويشهد لصحة ذلك حكاية أبي حاتم"، وهي قوله في يحيى بن أبي كثير: ما أراه سمع من عروة بن الزبير لأنه يدخل بينه وبينه رجلا، ورجلين، ولا يذكر سماعا ولا رؤية، ولا سؤاله عن مسألة.
[كلام ابن رجب في رده على مسلم:]
قوله: إن شعبة ومن بعده لا يفتشون عن السماع.
وأما إنكار الإمام مسلم أن يكون التفتيش عن السماع هو مذهب شعبة أو من بعده، فإن ابن رجب يثبت خلافه، فيقول: "فقد أنكر شعبة سماع من روي سماعه ولكن لم يثبت، كسماع مجاهد من عائشة، وسماع أبي عبد الرحمن السلمي من عثمان وابن مسعود، وقال شعبة: أدرك أبو العالية عليا، ولم يسمع منه، ومرده أنه لم يرد سماعه منه، ولم يكتف بإدراكه، فإن أبا العالية سمع ممن