للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال - أي الدارقطني - يرويه هشام بن حسان، اختلف عليه فيه.

فرواه الحكم بن عبده، وهو بصري سكن مصر، عن هشام، عن ابن سيرين عن أبي هريرة، ووهم فيه على هشام بن حسان، وروي هذا الحديث عن يعلى بن عطاء، عن جابر بن يزيد بن الأسود، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم" وبهذا يكون الدارقطني قد كشف علة هذا الإسناد وهي تغيير فاحش أصابه، ومصدر هذا الوهم هو الحكم بن عبده، الراوي عن هشام بن حسان.

وقد تكون العلة تغييرا أو تصحيفا طرأ على الاسم، ومثال ذلك ما ذكره ابن رجب في شرح علل الترمذي قال: "روى زهير بن معاوية عن واصل بن حبان، عن ابن بريدة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث منها "حديث الكمأة وحديث الحبة السوداء و"حديث عرضت على الجنة".

قال أحمد وأبو داود: انقلب على زهير اسم صالح بن حيان، فقال واصل ابن حبان، يعني إنما يروي عن صالح بن حيان فسماه واصلا. وقال ابن معين: سمع منهما معا فجعلهما واحدا، وسماه واصل ابن حبان، قال أبو حاتم زهير مع اتقانه أخطأ في هذا ولم يسمع من واصل بن حبان ولم يدركه، إنما سمع من صالح بن حيان".

والذي أخطأ في هذا الإسناد رجل كبير من الأعلام الثقات، ولولا فطنة أحمد وأبي حاتم وأبي داود لكان من العسير كشف مثل هذا الوهم لا سيما وأن في الرواة الثقات. واصل بن حبان الأسدي، المتوفى سنة ١٢٩، وهو ثقة، وصالح بن حيان القرشي، المتوفى سنة ١٤٠هـ.

هذه بعض أمثلة من الأوهام الواقعة في حديث الثقات والتي نشا عنها تغيير في الإسناد كله أو بعضه، أو قلب للأسماء والكنى، وسنختم هذا النوع بأمثلة تبين أن العلة تغيير في أسماء الرواة لعيب في نطق الراوي عنهم، كما جاء في علل الإمام أحمد، قال:

"ابن الثلب إنما هو ابن التلب، ولكن شعبة كان في لسانه شيء. ولعل غندرا لم يفهم عنه".

وقد وقع في مثل هذا أبو يوسف القاضي تلميذ أبي حنيفة، قال أحمد: "كانت فيه لثغة فكان يقول: مطيف بن طييف الحايثي، بدل من مطرف بن طريف الحارثي".

[ثالثا - علة موضوعها:]

الوهم في رفع الوقوف، أو وصل المرسل أو ما فيه انقطاع

وهذا النوع من العلة هو ميدان العلل الأوسع والأكبر، والذي لا تكاد تخلو منه صفحة من كتب هذا الفن، ولذا فقد نص ابن رجب على الاختلاف في الوصل والإرسال والوقف والرفع فقال: والوجه الثاني، "من وجوه معرفة صحة الحديث وسقمه" معرفة مراتب الثقات، وترجيح بعضهم على بعض عند الاختلاف، إما في الإسناد، وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف والرفع".

فقد يروى الحديث مرفوعا ولكن النقاد يكشفون عن وهم في رفعه ويثبتون أن وقفه أصح، وقد يروى الحديث متصلا، وإرساله أثبت وآكد. أو قد يروى متصلا وهو في الحقيقة معضل أو منقطع.

مثال:

وقد ذكر ابن رجب - رحمه الله - في شرح علل الترمذي أحاديث رفعها

<<  <  ج: ص:  >  >>