للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التيميون، فلم يكن مع هؤلاء ولا مع هؤلاء. وكان قد ترك الإفتاء بأخرة. كما ذكر ابن حجر قصة تدل على هذا خلاصتها أن على ابن أيبك الصفدي نظم قصيدة يتوسل فيها النبي صلى الله عليه وسلم ويطلب منه الشفاعة، ويقول: يا خير خلق الله، فأنكر عليه الشيخ صدر الدين علي بن العز الحنفي هذا كله، فوصل الأمر إلى مصر، فأنكر القضاة قول ابن العز، وعقدت مجالس في دمشق للإنكار عليه وتعزيزه، وممن حضر هذه المجالس سعد الدين النووي وجمال الدين الكردي، وشرف الدين الغزي، وزين الدين بن رجب، وتقي الدين بن مفلح وأخوه، وشهاب الدين بن حجي، فتواردوا على الانكار عن ابن العز في أكثر ما قاله.

ولعل هذه المواقف ساهمت في اختصار سيرة هذا الرجل فلم يأخذ حقه في كتب التراجم، فلا هو مع الحنابلة، ولا هو مع الشافعية أو غيرهم.

- ٨ - أخلاقه

كان - رحمه الله - صاحب عبادة وتهجد، منجمعا عن الناس، لا يخالطهم ولا يتردد إلى أحد من ذوي الولايات ويسكن المدرس السكرية بالقصاعين، وكان لا يعرف شيئا من أمور الدنيا بعيدا عن الرياسة وأسبابها، ليس له شغل إلا الاشتغال بالعلم وبالجملة لم يخلق بعده مثله، هذه عبارة ابن قاضي شهبة في وصف أخلاق هذا الرجل، وهي ترسم صورة واضحة في ذهن القارئ تصور ابن رجب راغبا عن الدنيا وزينتها، وجاهها ووجاهتها، مع علم جم وعبادة شاغلة، ولا عجب أن يقال فيه بعد ذلك: اجتمعت الفرق عليه ومالت

<<  <  ج: ص:  >  >>