ولد زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب في الثلث الثاني من القرن الثامن الهجري ببغداد، وكانت العراق تحت سلطان أحفاد هولاكو الذين دخلوا في الإسلام. وكانت ولادة ابن رجب سنة ٧٣٦ للهجرة،بعد مضي ثمانين عاما على سقوط بغداد، حاضرة الإسلام والخلافة، بأيدي المغول.
وبالرغم من توالي الأيام، وإسلام الأحفاد، إلا أن الصورة القاتمة للغزو المغولي ظلت قائمة في النفوس، تشيع فيها القلق، وتهيج الذكريات المؤلمة لتلك الكارثة التي أفقدت الدولة الإسلامية مجدها، وقضت على مركز بغداد الروحي، والحضاري، والسياسي، والعلمي.
وفي ظل تلك الذكريات يصعب المقام فتبحث النفوس عن مكان آخر، تتنفس فيه الصعداء، لا سيما وأن الوطن الإسلامي في ذلك الزمان لم يكن يعرف هذه الحدود السياسية والإقليمية، التي تفقد الإنسان حرية الحركة.
وهكذا فإن البقية الباقية، من علماء بغداد، توجهت نحو حواضر الإسلام العامرة كدمشق والقاهرة. ومن هذه البقية الإمام المقرئ أحمد بن رجب، والد شيخنا عبد الرحمن الذي حمل أولاده، وتوجه تلقاء دمشق، وفيها نشأ ابنه عبد الرحمن، وفيها شب وترعرع واكتهل، وبها توفي.
ولقد اكتنفت البلاد الشامية - موطن ابن رجب - كما اكتنفت البلاد