كان مشتقا من عله بمعنى سقاه الشربة الثانية، وهو معنى "معلول" في الشاهد الذي ذكره ابن القوطية وليس كما أراده شاهدا للعلة بمعنى المرض، لأن "معلول" في البيت مرتبط بمنهل، والمنهل هو المورود في المرة الأولى، والمعلول هو المورود في المرة الثانية.
ولما كان من معاني "عل" في أصل اللغة الشربة الثانية، كما ذكر ابن فارس في معنى هذه المادة، فيكون هذا الاستعمال لا غبار عليه، لا في اللغة ولا في الاصطلاح، وتكون العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي أن العلة ناشئة عن إعادة النظر في الحديث مرة بعد مرة.
وكما يقال "معلول" بهذا المعنى فإنه يقال "معل" لما دخل على الحديث من العلة بمعنى المرض. وأما استعمال "معلل" فلا تمنعه القواعد إذا كان مشتقا من "علله" بمعنى ألهاه به وشغله، ويكون معنى "الحديث المعلل": هو الحديث الذي عاقته العلة وشغلته فلم يعد صالحا للعمل به.
[المطلب الثاني العلة في اصطلاح المحدثين]
تقاربت عبارات أهل المصطلح في تعريفهم العلة في الحديث. وأول كتاب ذكر تعريفا للعلة هو "معرفة علوم الحديث" للحاكم، وقد قال فيه:"وهو علم برأسه غير الصحيح والسقيم والجرح والتعديل". ويقول الحاكم أيضا:"وإنما يعلل الحديث من أوجه ليس للجرح فيها مدخل".
وهذا من الحاكم محاولة أولى لتحديد مفهوم عام للعلة، ولا يمكن أن نسميه حدا بما يحمله الحد من الضوابط. كما يلاحظ في كلام الحاكم قصر العلة على ما لا مدخل للجرح والتعديل فيه، وهو مخالف لمنهج كتب العلل التي احتوت على علل سببها جرح الراوي، وسيأتي الكلام على هذا.