إن غلبة الحديث على شخصية ابن رجب يرجع إلى اهتمامات أسرته بهذا الجانب. وقد أشرنا في ترجمته إلى حصوله على إجازات مشاهير عصره، وذكرنا أن هذا يدل على مكانة أسرته المرموقة. وقد ذكرنا أسماء عدد من شيوخه وبينا طريق التحمل عن كل شيخ. ويقف من بين هؤلاء الشيوخ من اشتهر بالإسناد العالي كالقاسم بن محمد البرزالي (ت ٧٣٩هـ وزينب نبت أحمد المقدسية (ت ٧٤٠هـ) ومحمد بن أحمد بن تمام الصالحي (ت ٧٤١هـ) وصفي الدين عبد المؤمن بن عبد الحق البغدادي (ت ٧٣٩هـ) .
وقد أعقب هذا الطلب المبكر رحلة حافلة بلقاء الشيوخ، ساعده على ذلك نشاط والده الذي حمله ولما يتجاوز الثامنة من عمره فطاف به حواضر العلم كدمشق، وبيت المقدس، ونابلس، والقاهرة، ومكة، واستطاع أن يبلغ به مرتبة الشيوخ وهو في مقتبل الشباب، فكان مرجعا في العلم قبل وفاة شيخه محمد بن إسماعيل بن الخباز (المتوفى سنة ٧٥٧هـ) . ولقد ذكر هذا ابن فهد المكي في ترجمة الحافظ زين الدين العراقي فقال: قرأ صحيح مسلم على محمد بن إسماعيل ابن الخباز في ستة مجالس، وذلك بحضور الحافظ زين الدين بن رجب وهو معارض بنسخته.