للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فلا يشكل قوله: "حديث حسن غريب"، ولا قوله: صحيح حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، لأن مراده أن هذا اللفظ لا يعرف إلا من هذا الوجه، لكن لمعناه شواهد من غير هذا الوجه، وإن كانت شواهد بغير لفظه.

وهذا كما في حديث "الأعمال بالبينات" فإن شواهده كثيرة جداً في السنة، مما يدل على أن المقاصد والنيات هي المؤثرة في الأعمال، وأن الجزاء يقع على العمل بحسب ما نوي به، وإن لم يكن لفظ حديث عمر مروياً من غير حديثه من وجه يصح.

"الرد على ابن الصلاح فيما ذهب إليه"

وبمعنى هذا الذي ذكرناه فسر ابن الصلاح كلام الترمذي في معنى الحسن، غير أنه زاد: أن لا يكون من رواية مغفل كثير الخطأ. وهذا (لا) يدل عليه كلام الترمذي، لأنه إنما اعتبر أن لا يكون راويه متهماً فقط. لكن قد يؤخذ مما ذكره الترمذي قبل هذا، أن من كان مغفلاً كثير الخطأ، لا يحتج بحديثه ولا يشتغل بالرواية عنه عند الأكثرين.

"معنى قول الترمذي: ويروى من غير وجه نحو ذلك"

وقول الترمذي ـ رحمه الله ـ يروى من غير وجه نحو ذلك، لم يقل عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيحتمل أن يكون مراده عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويحتمل أن يحمل كلامه على ظاهره، وهو أن يكون معناه يروى من غير وجه، ولو موقوفاً، ليستدل بذلك على أن هذا المرفوع له أصل يعتضد به.

وهذا كما قال الشافعي في الحديث المرسل: إنه إذا عضده قول صحابي، أو عمل عامة أهل الفتوى به كان صحيحاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>