لقد قيض الله تعالى لميدان علم الحديث والعلل أعلاما عبدوا مساربه. فكان شعبة بن الحجاج أبو بسطام (المتوفى سنة ١٦٠هـ) من رواده الأوائل وشعبة هذا قال عنه الإمام الشافعي - رحمه الله -: "لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق. وقال أبو حاتم الرازي: إذا رأيت شعبة يحدث عن رجل فاعلم بأنه ثقة. وقال يحيى بن سعيد: كان شعبة أعلم الناس بالحديث".
قال ابن رجب في معرض ترجمته لشعبة بن الحجاج:"وهو أول من وسع الكلام في الجرح والتعديل واتصال الأسانيد وانقطاعها، ونقب عن دقائق علم العلل، وأئمة هذا الشأن بعده تبع له في هذا العلم".
وقال السمعاني صاحب كتاب اٍلأنساب:"هو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدثين". وهذه العبارة تكفي لأن نعرف من هو شعبة. وفي كتب العلل والرجال يتردد اسمه في كل صفحة، وكافة النقاد بعده يتسابقون في نقل عباراته والبحث عن نظراته في الرجال والعلل. وخلاصة القول في شأن هذا الرجل أن الحديث أصبح صناعة وفنا على يديه.
ومن فرسان هذا الميدان وأفذاذه يحيى بن سعيد القطان (المتوفى سنة ١٩٨هـ) خليفة شعبة والقائم بعده مقامه، وعنه تلقاه أئمة هذا الشأن