للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيكون ابن رجب قد بلغ مرتبة علمية مرموقة، وهو دون العشرين، وتتقدم هذه المرتبة كلما تقدم به الزمن حتى استحق أن يوصف على لسان ابن حجي بقوله: أتقن الفن، وصار أعرف أهل عصره بالعلل، وتتبع الطرق، ويقول أيضا عنه: ومهر في فنون الحديث أسماء ورجالا، وعللا، وطرقا، واطلاع على معانيه.

وفيما يلي عرض لجهوده في الحديث رواية ودراية. ***

[المبحث الأول الرواية عند ابن رجب]

ونعني بالرواية العلم بأقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته، وروايتها وضبطها، وتحرير ألفاظها، كل ذلك بالإسناد. فعلم الحديث رواية يشمل حفظ المتون، والأسانيد، ولقد كان لعلم الحديث رواية مكانة كبيرة حتى دونت الكتب المشهورة، فأصبح الناس يعتمدون على كتب السنة. ولكن هذا لم يلغ علم الرواية. إذ بقيت الكتب نفسها تروى بالأسانيد إلى أصحابها، وتحرر ألفاظها بواسطة الرواية، يضاف إلى ذلك أن قسما من طرق الحديث بقي خارج الكتب المدونة، وظل يروى مشافهة أو في أجزاء غير مشهورة شهرة الكتاب المعتمدة، ويضاف إلى كل هذا أن الإسناد خصيصة الأمة الإسلامية فحافظ العلماء عليه، وفيه دلالات حاسمة على اللقاء والسماع والتلمذة والرحلة وما شابه ذلك.

ولابن رجب رواياته وأسانيده، وقد سبق في مبحث رحلة ابن رجب الإشارة إلى الاستدلال بالرواية على رحلته وتنقله بين حواضر العلم، ومجالس العلماء.

وروايات ابن رجب هذه مدونة في كتابه "الذيل على طبقات الحنابلة" وغالبا ما يذكر ترجمة الشيخ ثم يذكر حديثا أو أكثر، يصله ابن رجب بإسناده إلى الرجل صاحب الترجمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>