وأما الذين كتبوا حديث الكذابين، من أهل المعرفة والحفظ، فإنما كتبوه لمعرفته، وهذا كما (ذكروا أحاديثهم) في كتب الجرح والتعديل، ويقول بعضهم في كثير من أحاديثهم: لا يجوز ذكرها إلا ليبين أمرها أو معنى ذلك.
وقد سبق عن ابن أبي حاتم: أنه يجوز رواية حديث من كثرت غفلته في غير الأحكام، وأما رواية أهل التهمة بالكذب فلا تجوز إلا مع بيان حاله وهذا هو الصحيح - والله أعلم -.
[المسألة الثالثة]
ذكر الترمذي أنه رب رجل صالح مجتهد في العبادة، ولا يقيم الشهادة ولا يحفظها وكذلك الحديث، لسوء حفظه، وكثره (غفلته) ، وقد سبق قول ابن المبارك في عباد بن كثير وعبد الله بن محرر.
وروى مسلم في مقدمة كتاب من طريق محمد بن يحيى بن سعيد القطان عن أبيه قال:(لن ترى) الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث.
وفي رواية: لم تر أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث.
قال مسلم: يقول: يجري الكذب على (ألسنتهم) ، (ولا يتعمدون) الكذب. وروى أيضا بإسناده له عن أيوب، قال: