للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في موضع آخر: ومن ذلك أنهم يعرفون الكلام الذي يشبه كلام النبي صلى الله عليه وسلم من الكلام الذي لا يشبه كلامه قال ابن أبي حاتم الرازي، عن أبيه: تعلم صحة الحديث بعدالة ناقليه، وأن يكون كلاما يصلح أن يكون مثل كلام النبوة.

ويعرف سقمه وإنكاره بتفرد من لم تتضح عدالته، والله أعلم.

هذه بعض أنواع علة المتن، وهي الأنواع التي وقعت لي في شرح علل الترمذي وفي كتب العلل التي اطلعت عليه، وهذه الأنواع ليست على سبيل الحصر، وإنما على سبيل التمثيل، وإنني لا أدعي استقراء كتب العلل كلها لإخراج كل أنواع العلة، لأن هذا بحث يحتاج إلى سنين، وتفنى فيه أعمار.

[المبحث الرابع الأشباه في العلل]

[تمهيد:]

رأينا في الأنواع السابقة نماذج من العلل كشفها النقاد بعبارات صريحة واضحة لا لبس فيها، وذلك لقيام الأدلة الكاملة عندهم.

وأما هذا المبحث فقد أفردته للأشباه في العلل. وعنوان هذا المبحث رأيت أنه يصلح لأن تنطوي تحته هذه العلل التي يكشف عنها الناقد بقوله: حديث فلان أشبه أو أشبه بالصواب. أو يقول: حديث فلان أشبه بحديث فلان أو يقول الناقد: هذا الحديث يشبه حديث القصاص، هذه مادة هذا المبحث، وهذا الذي أقصده بالأشباه، ولعلي لا أستبق الموضوع إن قلت أن الأشباه تعبير عن الكشف الظني للعلة الذي يحتمل أمورا كثيرة، وإن كان قول الناقد هذا هو الأرجح من غيره.

وننطلق في هذا المبحث من قاعدة رسمها ابن رجب - رحمه الله - فقال:

[(قاعدة مهمة) :]

حذاق النقاد من الحفاظ لكثرة ممارستهم للحديث، ومعرفتهم بالرجال وأحاديث كل واحد منهم، لهم فهم خاص يفهمون به أن هذا الحديث يشبه حديث فلان ولا يشبه حديث فلان فيعللون الأحاديث بذلك. وهذا مما لا يعبر عنه بعبارة تحصره وإنما يرجع فيه أهله إلى مجرد الفهم، والمعرفة، التي خصوا بها عن سائر أهل العلم، كما سبق ذكره في غير موضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>