اشتهر الترمذي - رحمه الله - ونبغ في هذا الفن من فنون الحديث حتى جاء كتابه الجامع كتابا معللا، فكانت ميزة خاصة له دون سائر كتب السنة، وقد ربط الإمام الكبير ربطا محكما بين الحديث وعلله فجعل لجامعه ملحقا سماه "العلل" وضمنه الكلام عن منهجه في الرواية والدراية، سندا ومتنا، وقد رأيت في هذا الكتاب - الصغير في حجمه، الكبير في أهدافه ومعارفه - فلسفة كاملة "للجامع" أولا وللحديث ثانيا، وفيه كشف الترمذي أسانيده وخطته ومصطلحاته ومذهبه في النقد والتعليل، وكما يصلح هذا الكتاب لجامع الترمذي فإنه يصدق في أكثر جوانبه على كتب الحديث الأخرى. وقد تكلمنا عن منهجه ومقاصده في المباحث السابقة.
على وجه الإجمال والاختصار، وذلك لأن "العلل الصغير" من خلال شرح ابن رجب، هو موضوع رسالتي هذه، فسأترك الكلام عليه لمن هو أهله، وكفى بابن رجب أهلا لذلك، وسنلتقي به - إن شاء الله - في ستمائة صفحة بعد هذه الدراسة. وأما العلل الكبير، فصفته الكبير تشير إلى أنه أكبر من سابقه وأشمل. وقد كان يظن إلى عهد قريب أنه مفقود، وجاء ذلك في كتاب الدكتور نور الدين العتر "الترمذي والموازنة بين جامعه وبين الصحيحين" والذي نال به درجة الدكتوراه من كلية أصول الدين، جاء في هذا الكتاب قوله: "لكن يد الحدثان