حميدا لم يسمع أنسا، كما ورد في روايات أصحاب حميد. وفي هذا يقول الترمذي:
"قال محمد: حدثنا عمرو بن خالد، نا زهير، قال: قدمت البصرة فرأيت حميدا، وعنده أبو بكر بن عياش، جعل حميد يقول: قال أنس، قال أنس، فلما فرغ، قلت له: أسمعت هذا؟ قال: سمعت عمن حدث عنه".
ويلاحظ على هذا الحديث أن الإسنادين التقيا بزهير بن معاوية.
أما الأول وهو المعل ففيه زهير عن حميد، عن ثابت، عن أنس.
وأما الثاني ففيه زهير، عن حميد، عمن حدث عن أنس، عن أنس.
ويكون البخاري قد كشف علة الحديث وأثبت أن حميدا لم يسمع من أنس وإنما بينهما واسطة، وقد بين أن الوهم إنما دخل من إكثار حميد من القول: قال أنس، فجعل أصحاب حميد هذه العبارة: سمع أنسا.
مثال:
ومنه قول الحسن: خطبنا ابن عباس.
وهذا مثال آخر فيه تصريح بالسماع إلا أن حقيقته غير ذلك.
وهذا الإسناد روي عن يزيد بن هارون، عن حميد، عن الحسن، وعقب عليه الترمذي بقوله:"روى غير يزيد بن هارون، عن حميد، عن الحسن، قال: خطب ابن عباس، وكأنه رأى هذا أصح وإنما قال محمد هذا، لأن ابن عباس كان في البصرة في أيام علي، والحسن البصري في أيام عثمان وعلي كان بالمدينة".
وبهذا يظهر لنا البخاري - رحمه الله - علة الحديث ومدارها على يزيد بن هارون الذي قال: خطبنا، وقد حاول بعض النقاد التماس تأويل للحسن