وقد تكلم ابن رجب - رحمه الله - على راوية الحديث بالمعنى، ونقل جوازها عن جمهور العلماء بشرط أن يكون الراوي ملما باللغة، عارفا، عالما، بصيرا بمواقع الألفاظ، وما يحيلها عن المراد.
ولا بد أن يكون الراوي عارفا المراد من الحديث ليحمله على هذا المراد، ولا يصرفه لغيره.
قال ابن رجب:"وقد روى كثير من الناس الحديث بمعنى فهموه منه، فغيروا المعنى، مثل ما اختصر بعضهم من حديث عائشة في حيضها في الحج، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها، وكانت حائضا: "انقضي رأسك وامتشطي". وأدخله في أبواب غسل الحيض. وقد أنكر أحمد ذلك على من فعله، لأنه يخل بالمعنى، فإن هذا لم تؤمر به في الغسل من الحيض عند انقطاعه، بل في غسل الحائض إذا أرادت الإحرام".
قال ابن رجب - رحمه الله -: وروى بعضهم حديث إذا قرأ الإمام فأنصتوا، بما فهمه من المعنى، فقال: إذا قرأ الإمام (ولا الضالين) فأنصتوا فحمله على فراغه من القراءة، لا على شروعه فيها. ومثل هذا ما أخرجه ابن أبي حاتم في العلل، قال:
"وسألت أبا زرعة عن حديث أبي الأحوص عن سماك، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي بردة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اشربوا في الظروف ولا تسكروا".
قال أبو زرعة: وفي هذا الحديث أخطأ أبو الأحوص فصحف في الإسناد، فقال: بردة وهو بريدة، وقلب في الإسناد فقال: عن أبيه، عن أبي بريدة، وهو ابن بريدة، عن أبيه. ثم قال أبو زرعة: