ولا يقتصر الشافعي على تصحيح مرسل ابن المسيب إذا احتفت به القرائن بل يحكم كذلك بصحة غيره من مراسيل كبار التابعين إذا وجدت الشروط المطلوبة. وقد نقل ابن رجب كلاما للبيهقي في هذا "أنكر فيه البيهقي على أبي محمد الجويني قوله: لا تقوم الحجة بسوى مرسل ابن المسيب، وأنكر البيهقي صحة ذلك عن الشافعي، قال ابن رجب، وكأنه لم يطلع على رواية الربيع عنه التي قدمنا ذكرها.
ورواية الربيع عنه قوله في الرهن الصغير: كيف قبلتم عن ابن المسيب منقطعا ولم تقبلوه عن غيره؟ قال: لا نحفظ لابن المسيب منقطعا إلا وجدنا ما يدل على تسديده ولا أثر عن أحد عرفناه عنه إلا عن ثقة معروف، فمن كان مثل حاله قبلنا منقطعه".
وفي رواية الربيع هذه لا يعتد الشافعي بمرسل ابن المسيب فقط، بل يؤكد على قبول مرسل من كانت حاله كحال ابن المسيب، وهذا يجعل قول الجويني مردودا قال البيهقي: وليس الحسن، وابن سيرين، بدون كثير من التابعين وإن كان بعضهم أقوى مرسلا منهما، أو من أحدهما، وقد قال الشافعي بمرسل الحسن حين اقترن به ما يعضده في مواضع منها:"النكاح بلا ولي"، وفي "النهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان"، وقال بمرسل طاوس، وعروة، وأبي أمامة بن سهل، وعطاء بن أبي رباح، وعطاء بن يسار، وغيرهم من كبار التابعين، حين اقترن به ما أكده.
وبهذا يكون المرسل عند الشافعي قسمين:
١ - صحيح محتج به، وهو مراسيل كبار التابعين بشرائط مخصوصة، ومرسل ابن المسيب وغيره في ذلك سواء.