الأخبار الصحاح عند أهل العلم، ممن يهن بزعم هذا القائل، ونحصيها لعجزنا عن تقصي ذكرها".
ابن رجب يعارض مسلما، وينتصر للرأي المنسوب للبخاري:
وقف الإمام ابن رجب موقف المعارض للإمام مسلم، وساق كلاما طويلا في هذه المسألة ينصر به الرأي المنسوب للإمام البخاري، وفي ذلك يقول:
"وما قاله ابن المديني والبخاري هو مقتضى كلام أحمد، وأبي زرعة، وأبي حاتم، وغيرهم من أعيان الحفاظ، بل كلامهم يدل على اشتراط ثبوت السماع، فإنهم قالوا في جماعة من الأعيان ثبتت لهم الرواية عن بعض الصحابة، وقالوا مع ذلك لم يثبت لهم السماع منهم فرواياتهم عنهم مرسلة. منهم الأعمش، ويحيى بن أبي كثير، وأيوب، وابن عون، وقرة بن خالد، رأوا أنسا، ولم يسمعوا منه، فرواياتهم عنه مرسلة، كذا قاله أبو حاتم، وقاله أبو زرعة في يحيى بن أبي كثير. وقال أحمد في يحيى بن أبي كثير: رأى أنسا، فلا أدري سمع منه أم لا؟ ولم يجعلوا روايته عنه متصلة لمجرد الرواية. والرواية أبلغ من إمكان اللقى، وكذلك كثير من صبيان الصحابة رأوا النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح لهم سماع فرواياتهم عنه مرسلة، كطارق بن شهاب وغيره، وكذلك من علم منه أنه مع اللقاء لم يسمع ممن لقيه إلا شيئا يسيرا، فرواياته عنه زيادة على ذلك مرسلة، كرواية ابن المسيب عن عمر - رضي الله عن هـ - فإن الأكثرين نفوا سماعه منه.
وقال أبو حاتم: الزهري لا يصح سماعه من ابن عمر، رآه ولم يسمع منه، ورأى عبد الله بن جعفر، ولم يسمع منه، وأثبت أيضا دخول مكحول على واثلة بن الأسقع ورؤيته له ومشافهته، وأنكر سماعه منه.
وقال أحمد: أبان بن عثمان لم يسمع من أبيه، من أين سمع منه؟ ومراده من أين صحت الرواية بسماعه منه، وإلا فإن إمكان ذلك واحتماله غير مستبعد".