وقال رواد بن الجرح: سمعت سفيان الثوري يقول: لا تأخذوا هذا العلم في الحلال والحرام إلا من الرؤساء المشهورين بالعلم، الذين يعرفون الزيادة والنقصان، ولا بأس بما سوى ذلك من المشايخ.
وقال ابن أبي حاتم: (ثنا) أبي، (ثنا) عبدة، قال: قيل لابن المبارك، وروى عن رجل حديثا، فقيل: هذا رجل ضعيف..
فقال: يحتمل أن يروى عنه هذا القدر، أو مثل هذه الأشياء.
قلت لعبدة: مثل أي شيء) كان؟.
قال: في أدب، في موعظة، في زهد.
وقال ابن معين في موسى بن عبيدة: يكتب من حديثه الرقاق.
وقال ابن عيينة: لا تسمعوا من بقية ما كان في سنة، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره.
وقال أحمد في ابن إسحاق: يكتب عنه المغازي وشبهها.
وقال ابن معين في زياد البكائي: لا بأس به في المغازي، وأما في غيرها فلا.
وإنما يروى في الترهيب والترغيب والزهد والآداب أحاديث أهل الغفلة الذين لا يتهمون بالكذب. فأما أهل التهمة فيطرح حديثهم، كذا (قال) ابن (أبي) حاتم وغيره.
وظاهر ما ذكره مسلم في مقدمة كتابه يقتضي أنه لا تروى أحاديث الترغيب والترهيب إلا عمن تروى عنه الأحكام.
قال الترمذي - رحمه الله -:
وقد روى غير واحد من الأئمة عن الضعفاء، وبينوا أحوالهم للناس:
حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن المنذر الباهلي، حدثنا يعلى بن عبيد، قال: قال لنا سفيان (الثوري) : اتقوا الكلبي، قال: فقيل له: فإنك تروي عنه.
قال: أنا أعرف صدقه من كذبه.
وأخبرني محمد بن إسماعيل: حدثني يحيى بن معين، ثنا عفان، عن أبي عوانة، قال: لما مات الحسن (البصري) - رحمه الله - اشتهيت كلامه، فتتبعته عن أصحاب الحسن، فأتيت به أبان بن أبي عياش، فقرأه علي كله عن الحسن، فما استحل أن أروي عنه شيئا.
قال أبو عيسى:
وقد روى (عن) أبان بن أبي عياش غير واحد من الأئمة، وإن كان فيه من الضعف والغفلة ما وصفه (به) أبو عوانة وغيره فلا تغتروا برواية الثقات عن الناس، لأنه يروى عن ابن سيرين أنه قال: إن الرجل ليحدثني فما أتهمه، ولكن أتهم من فوقه.
وقد روى غير واحد عن إبراهيم النخعي أن عبد الله بن مسعود كان يقنت في وتره قبل الركوع.
وروى أبان بن أبي عياش، عن إبراهيم النخعي، عن علقمة عن عبد الله بن مسعود:
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في وتره قبل الركوع هكذا روى سفيان الثوري، عن أبان بن أبي عياش.
وروى بعضهم عن أبان بن أبي عياش، بهذا الإسناد، نحو هذا، وزاد فيه، قال عبد الله بن مسعود:
وأخبرتني أمي أنها باتت عند النبي صلى الله عليه وسلم فرأت النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في وتره قبل الركوع.
قال أبو عيسى:
وأبان بن أبي عياش، وإن كان قد وصف بالعبادة والاجتهاد، فهذه حاله في الحديث. والقوم كانوا أصحاب حفظ، فرب رجل، وإن كان صالحا لا يقيم الشهادة ولا يحفظها.