وذكر يحيى عن شعبة أنه كان يقول: عطاء عن علي إنما هي من كتاب، ومرسلات معاوية بن قرة نرى أنها عن شهر بن حوشب.
قال ابن أبي حاتم: وحدثنا أحمد بن سنان الواسطي قال: كان يحيى بن سعيد لا يرى إرسال الزهري وقتادة شيئا، ويقول: هو بمنزلة الريح، ويقول: هؤلاء قوم حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء (علقوه) .
وكلام يحيى بن سعيد في تفاوت مراتب المرسلات بعضها على بعض يدور على أربعة أسباب:
أحدهما: ما سبق من أن من عرف روايته عن الضعفاء ضعف مرسله بخلاف غيره.
والثاني: أن من عرف له إسناد صحيح إلى من أرسل عنه، فإرساله خير ممن لم يعرف له ذلك. وهذا معنى قوله: مجاهد عن علي ليس به بأس، قد أسند عن ابن أبي ليلى عن علي.
والثالث: أن من قوي حفظه يحفظ كل ما يسمعه ويثبت في قلبه، ويكون فيه ما لا يجوز الاعتماد عليه. بخلاف من لم يكن له قوة الحفظ. ولهذا كان سفيان إذا مر بأحد يتغنى يسد أذنيه حتى لا يدخل إلى قلبه ما يسمعه منه فيقر فيه.
وقد أنكر مرة يحيى بن معين على علي بن عاصم حديث، وقال: ليس هو من حديثك، إنما ذوكرت به فوقع في قلبك، فظننت انك سمعته، ولم تسمعه، وليس هو من حديثك.
وقال الحسين بن حريث: سمعت وكيعا يقول: لا ينظر الرجل في كتاب لم يسمعه، لا يأمن أن يعلق قلبه منه.