"حدثني أبي: قال، حدثنا هشيم عن مغيرة عن سماك - يعني ابن سلمة - قال: "رأيت ابن عمرو وابن عباس يتربعان في الصلاة" سمعت أبي يقول: لم يسمعه هشيم من مغيرة".
وهكذا فإن الإمام أحمد يستعرض الكثير من حديث هشيم ويكشف عن انقطاع أو تدليس فيه، وقد يثبت السماع النادر له، كأن يقول: هذان الحديثان سمعهما هشيم من جابر الجعفي، وكل شيء حدث عن جابر مدلس إلا هذين: عن أبي جعفر عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقدر يغلي فأخذ منها عرقا أو كتفا فأكله، ثم صلى ولم يتوضأ". وذكر حديثا آخر.
وفي موضع آخر نجد ذكرا مستفيضا لحصين بن عبد الرحمن المديني ويميزه عن حصين بن عبد الرحمن الحارثي الكوفي. وفي موضع ثالث نجده يستعرض حديث وكيع بن الجراح، من ذلك:
"حدثني أبي قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن ابن أبي نجيح عن عبد الله بن أبي كثير، عن أبي المنهال عن ابن عباس، قال أبي: كذا قال وكيع، وهو خطأ: إنما هو عبد الله بن كثير".
ثم نجده يعود فيتكلم عن حديث وكيع، رواية ونقدا، في موضع آخر ويفيض في ذلك.
ولو قدر لهذا الكتاب أن ترتب مادته، بحيث يجمع ما يتعلق بوكيع، وما يتعلق بشعبة، وما يتعلق بهشيم وغيرهم، لو قدر له ذلك، لكان على غاية من الفائدة لما يذكره من دقائق المعارف عن هؤلاء، وما يعالجه من أحاديثهم رواية ونقدا. وهو ما لا يوجد في كتاب من كتب التراجم المعروفة.