للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى عن أكثر أهل الحديث الاحتجاج بحديث من لا يعرف ما يحدث به ولا يحفظه.

والظاهر ـ والله أعلم ـ حمل كلام الشافعي على من لا يحفظ لفظ الحديث، وإنما يحدث بالمعنى كما صرح بذلك فيما بعد، وكذلك نقل الربيع عنه في موضع آخر، أنه قال:

تكون اللفظة تترك من الحديث فتحيل المعنى، أو ينطق بها بغير لفظ المحدث، والناطق بها غير عامد (لاحالة) الحديث (فيختل معناه، فإذا كان الذي يحمل الحديث يجهل هذا المعنى وكان غير عاقل للحديث) فلم يقبل حديثه إذا كان يحمل ما لا يعقل، إذا كان ممن لا يؤدي الحديث بحروفه، وكان يلتمس روايته على معانيه، وهو لا يعقل المعنى، إلى أن قال: فالظنة فيمن لا يؤدي الحديث بحروفه ولا يعقل معانيه أبين منها في الشاهد لمن ترد شهادته (له) فيما هو ظنين فيه.

فهذا يبين أن الشافعي إنما اعتبر في الراوي أن يكون عارفاً بمعاني الحديث إذا كان يحدث بالمعنى ولا يحفظ الحروف، والله أعلم.

فقوله هنا، عاقلاً لما يحدث به، عالماً بما يحيل معاني الحديث من اللفظ هو شرط واحد ليس فيه تكرير، بل مراده يعقل ما يحدث به فهم المعنى، ومراده بالعلم بما يحيل المعنى من الألفاظ معرفة الألفاظ التي تؤدي بها المعاني.

وقد فسر أبو بكر الصيرفي في شرح الرسالة قول الشافعي: عاقلاً لما يحدث به بأن مراده أن يكون الراوي ذا عقل فقط، قال: وهذا شرط بإجماع.

وهذا الذي قاله فيه نظر وضعيف، وهذا (كله) في حق من لا يحفظ

<<  <  ج: ص:  >  >>