للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الجرح في كثير من الرواة يحدث بما يخالف الثقات، أو يحدث بما لا يتابعه الثقات (عليه) لكن الشافعي اعتبر أن لا يخالفه الثقات، ولهذا قال بعد هذا الكلام: (بريئاً) أن يحدث عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بما يحدث الثقات خلافه. وقد فسر الشافعي الشاذ من الحديث بهذا.

قال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: ليس الشاذ من الحديث أن يروي الثقة حديثاً لم يروه غيره، إنما الشاذ من الحديث أن يروي الثقات حديثاً فيشذ عنهم واحد فيخالفهم.

وأما أكثر الحفاظ المتقدمين فإنهم يقولون في الحديث إذا انفرد به واحد وإن (لم) يرو الثقات خلافه أنه لا يتابع عليه، ويجعلون ذلك علة فيه، اللهم إلا أن يكون ممن كثر حفظه واشتهرت عدالته وحديثه كالزهري ونحوه، وربما يستنكرون بعض تفردات الثقات الكبار أيضاً، ولهم في كل حديث نقد خاص، وليس عندهم لذلك ضابط يضبطه.

قال صالح بن محمد الحافظ: الشاذ، الحديث المنكر الذي لا يعرف، وسيأتي لذلك مزيد إيضاح عند ذكر الحديث الغريب إن شاء الله تعالى.

السادس: أن لا يكون مدلساً، فمن كان مدلساً يحدث عمن رآه بما لم يسمعه منه فإنه لا يقبل منه حديثه حتى يصرح بالسماع ممن روى عنه، وهذا الذي ذكره الشافعي قد حكاه يعقوب بن شيبة عن يحيى بن معين.

وقال الشاذكوني: من أراد التدين بالحديث فلا يأخذ عن الأعمش، ولا عن قتادة إلا ما قالا: سمعناه.

وقال البرديجي: لا يحتج من حديث حميد إلا ما قال: (ثنا) أنس.

ولم يعتبر الشافعي أن يتكرر التدليس من الراوي، ولا أن يغلب على

<<  <  ج: ص:  >  >>