قائله رداً بليغاً، ونسبه إلى مخالفة الإجماع في ذلك. واستدل مسلم على صحة قوله، باتفاق العلماء على قبول الخبر إذا رواه الثقة عن آخر ممن تيقن أنه سمع منه من غير اعتبار أن يقول:(ثنا) أو سمعت، ولو كان الإسناد لا يتصل إلا بالتصريح بالسماع لم يكن فرق بين الرواية عمن ثبت لقيه ومن لم يثبت، فإنا نجد كثيراً ممن روى عن رجل، ثم روى حديثاً عن آخر عنه.
وقد طرد بعض المتأخرين من الظاهرية ونحوهم هذا الأصل، وقال: كل خبر لا يصرح فيه بالسماع فإنه لا يحكم باتصاله مطلقاً، وربما تعلق بعضهم بقول شعبة: كل إسناد ليس فيه (ثنا) أو (أنا) فهو خل وبقل. وروى عن شعبة قال: فلان عن فلان ليس بحديث.
قال وكيع: وقال سفيان هو حديث.
قال ابن عبد البر: رجع شعبة إلى قول سفيان في هذا.
وهذا القول شاذ مطرح.
وقد حكى مسلم وغيره الإجماع على خلافه.
وقال الخطيب: أهل العلم بالحديث مجمعون على أن قول المحدثين (ثنا) فلان عن فلان صحيح معمول به، إذا كان شيخه الذي ذكره يعرف أنه قد أدرك الذي حدث عنه ولقيه وسمع منه، ولم يكن هذا المحدث ممن يدلس. انتهى.
ومما استدل به مسلم على المخالف له: أن من تكلم في صحة الحديث من السلف لم يفتش أحد منهم على موضع السماع، وسمى منهم شعبة والقطان (وابن مهدي، قال) ومن بعدهم من أهل الحديث.
وذكر أن عبد الله بن يزيد روى عن حذيفة وأبي مسعود حديثين ولم يرد