للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلها صحيحة فهو "صحيح غريب" (وإن كانت كلها حسنة فهو "حسن غريب" وإن كان بعضها صحيحاً وبعضها حسناً فهو "صحيح حسن غريب"، إذ الحسن عند الترمذي ما تعددت طرقه وليس فيها متهم، وليس شاذاً، فإذا قال مع ذلك: إنه غريب لا يعرف إلا من ذلك الوجه حمل على أحد شيئين:

إما أن (تكون) طرقه قد تعددت إلى أحد رواته الأصليين، فيكون أصله غريباً ثم صار حسناً، وإما أن يكون إسناده غريباً، بحيث لا يعرف بذلك الإسناد إلا من هذا الوجه، ومتنه حسناً بحيث روي من وجهين (وأكثر) ، كما يقول: وفي الباب عن فلان وفلان، فيكون لمعناه شواهد تبين أن متنه حسن، وإن كان إسناده غريباً.

وفي بعض هذا نظر، وهو بعيد من مراد الترمذي، لمن تأمل كلامه.

"المذهب الثالث":

ومن المتأخرين من قال: إن الحسن الصحيح عند الترمذي دون الصحيح المفرد، فإذا قال: "صحيح" فقد جزم بصحته، وإذا قال: حسن صحيح، فمراده أنه جمع طرفاً من الصحة وطرفاً من الحسن، وليس بصحيح محض، بل حسن مشرب بصحة، كما يقال في المز: إنه حلو حامض، باعتبار أن فيه حلاوة وحموضة، وهذا بعيد جداً، فإن الترمذي يجمع بين الحسن والصحة في غالب الأحاديث الصحيحة، المتفق على صحتها، والتي أسانيدها في أعلى درجة الصحة، كمالك، عن نافع، عن ابن عمر، والزهري، عن سالم، عن أبيه.

ولا يكاد الترمذي يفرد الصحة إلا نادراً.

وليس ما أفرد فيه الصحة بأقوى مما جمع فيه بين الصحة والحسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>