للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أوهام كبار أئمة الحديث، فقد ذكر ابن رجب أقوالا فيها:

قال أحمد: كان مالك من أثبت الناس وكان يخطئ.

وقال البرذعي: شهدت أبا زرعة، وذكر عبد الرحمن بن مهدي ومدحه وأطنب في مدحه، وقال: وهم في غير شيء، ثم ذكر عدة أسماء صحفها. وهذه الأسماء ورد النص بها في كتاب البرذعي وهي: قول ابن مهدي: شهاب بن شريفة، وإنما هو شهاب بن شرنقة. وقال: عن هشام عن الحجاج عن عائذ بن بطة وإنما هو ابن نضلة.

وقال: قيس بن جبير، وإنما هو قيس بن حبتر (وزن جعفر) التميمي.

وفيما يلي عرض لأحاديث وهم فيها كبار الثقات:

منهم شعبة بن الحجاج: وثناء العلماء على شعبة جزيل طويل، فهو أمير المؤمنين في الحديث، ورجل روى عنه شعبة لا يسأل عنه، وكان الثوري يقول: أستاذنا شعبة. وقال الشافعي: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق. ولكن لشعبة أوهاما، وفي حديثه علل، وإن كانت قليلة، وقد وقف النقاد عليها:

مثال:

أخرج الترمذي في العلل الكبير قال:

حدثنا محمود بن غيلان، قال (أنا) أبو داود، قال: (أنا) شعبة، قال: (أنا) عبد ربه بن سعيد، قال: سمعت أنس بن أبي أنس، عن عبد الله بن نافع بن العمياء، عن عبد الله بن الحارث بن المطلب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصلاة مثنى مثنى، تشهد في ركعتين، وتبؤس، وتمسكن، وتقنع وتقول: اللهم، اللهم، فمن لم يفعل ذلك فهي خداج".

وقال الليث: (أنا) عبد ربه بن سعيد، عن عمران بن أبي أنس، عن ٩٦

عبد الله بن نافع بن العمياء، عن ربيعة بن الحارث، عن الفضل بن عباس.

سمعت محمد بن إسماعيل يقول: رواية الليث بن سعد أصح من حديث شعبة.

وشعبة أخطأ في هذا الحديث في مواضيع:

- فقال: عن أنس بن أبي أنس، وإنما هو عمران بن أبي أنس.

- وقال: عن عبد الله بن الحارث، وإنما هو عن عبد الله بن نافع، عن ربيعة بن الحارث.

- وربيعة بن الحارث هو ابن المطلب، فقال: هو: عن المطلب.

- ولم يذكر فيه: عن الفضل بن العباس.

هذه أوهام لشعبة ذكرها البخاري جوابا على سؤال الترمذي له، وفيها بيان جلي لأخطاء الثقات ولو كانوا بمنزلة شعبة، وقد ذكر ابن أبي حاتم كلاما للإمام أحمد في أوهام شعبة، فقال:

(قال أحمد: ما أكثر ما يخطئ شعبة في أسامي الرجال.

وقال أحمد: كان شعبة يحفظ، لم يكتب إلا شيئا قليلا، وربما وهم في الشيء) ، وفي العبارة الأخيرة كشف عن مصدر الوهم والخطأ عند هذا الإمام الفذ.

ورجل آخر شارك شعبة في الفضل والعصر، ولا يقل عنه إن لم يزد في الحفظ والعلم، وهو إمام دار الهجرة مالك بن أنس. وقد ترجم له ابن رجب ترجمة ضافية وافية جمع شتاتها ودورها من كثير من المراجع في التواريخ والرجال، ولكن هذا الفضل لم يمنع أن يسجل النقاد على مالك مآخذ وعللا في بعض رواياته:

<<  <  ج: ص:  >  >>