أسلم عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ونختم هذا السبب العام، الذي لا يكاد يخرج من تأثيره أحد من الحفاظ، بما ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل، وهو نص يؤكد وقوع بعض الأوهام في روايات الحفاظ، ويكشف عن القدر من الخطأ الذي يبقى معه الحافظ، الضابط الإمام، على رتبته في الإمامة والضبط:
(أنا) أبي، أخبرنا سليمان بن أحمد الدمشقي، قال: قلت لعبد الرحمن بن مهدي: اكتب عمن يغلط في عشرة؟ قال: نعم. قيل له: يغلط في عشرين قال: نعم. قلت: فثلاثين؟ قال: نعم. قلت: فخمسين؟ قال: نعم.
وهكذا، فإنه يمكننا أن نرجع قسما، لا بأس به، من علل الحديث لأخطاء مثل هؤلاء الجهابذة، ويعتبر كشف هذه العلل من أعلى مراتب هذا العلم، وذلك لخفائها واستتارها بمنزلتهم في الحفظ والضبط.
وفي هذا درس بالغ لأعداء السنة، والطاغين فيها، ليعلموا أية حراسة حرس الله بها سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وليدركوا أنه ما دامت منزلة كبار الأئمة لم تمنع من تتبع رواياتهم ونقدها وتمحيصها، وبيان الخطأ فيها، فمن باب أولى أن يكشف وهم غيرهم، وعبث العابثين مهما كانت غايتهم، ومهما استخدموا من أساليب التزوير والكذب.
السبب الثاني:
هو ما اتصف به بعض رواة الآثار من خفة الضبط، وكثرة الوهم، مع بقاء عدالتهم. وهؤلاء هم الذين ذكرهم الترمذي في علله (آخر الجامع) بقوله: أهل صدق وحفظ، ولكن يقع الوهن في حديثهم كثيرا.
وعلى أسلوب ابن رجب في توليد الموضوعات من الكلمات، فقد شرح عبارة الترمذي وحشد لها عيون الشواهد من كلام أرباب هذه الصنعة، فقال: