للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معرفة سياق السند ومعرفة ممارسة كل رجل من رجاله لحديث شيخه، ومعرفة هذه الممارسة تجعل نظرة المحدث تختلف - عما قبل المعرفة - وهو يرى حديث الأوزاعي عن الزهري، وحديث معمر عن الزهري، فمما لا شك فيه أن الأوزاعي أكبر وأجل، ولكن إسناد معمر أصح وأدق. إذ أن معمر عن الزهري من الطبقة الأولى، والأوزاعي عن الزهري من الطبقة الثانية لقصر صحبته وقلة ممارسته.

ومن أجل هذه الممارسة كان بعض المحدثين لا يرضى أن يسمع الحديث من الشيخ مرة واحدة. قال حماد بن زيد: ما أبالي من خالفني إذا وافقني شعبة، لأن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة واحدة، يعاود صاحبه مرارا.

وتظهر هذه الممارسة في عبارات القوم وهم يقولون: ليس هذا الحديث من حديث فلان أو يقولون: هذا الحديث أشبه بفلان، إلى غير ذلك من العبارات التي تدل على خبرة واسعة بعلاقة الرواة، بعضهم ببعض.

والجدير بالذكر أن هذه الممارسة قد ترفع الراوي من رتبة الصدوق إلى رتبة الثقة، أو إلى رتبة أوثق الناس في هذا الشيخ، ومثاله حماد بن سلمة، فق اتفق النقاد أنه أوثق الناس في ثابت، بالرغم من أن حمادا بشكل عام كثير الوهم والخطأ.

قال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في علله: "وسئل أبو زرعة عن حديث رواه القعنبي عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها، ثم ليأكلها ولا يدعها للشيطان" ورواه حماد بن سلمة عن ثابت، عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو زرعة حماد أحفظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>