للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نضوجا تاما متساوقا، ليمكنها أن تتلقى هذا التعليم، فلا يصلح لذلك إلا الأفذاذ من الناس. أما السواد الأعظم فللحس على قلوبهم أبدا سلطان غير مجحود ولا مردود (١).

وفى المسيحية تسامح متناه وعفو واسع، ومن المعلوم أن امتثال هذه الأوامر يتعذر على غير الأذلة المستضعفين من الناس، وقد يكون من أكبر المفاسد بإغراء الأقوياء بالضعفاء الخاضعين.

وكانت هذه السياسة صالحة لتقاوم بها عوامل التنافس والصراع المادى اليهودى، ولا تصلح لعمران يراد له أن يطمئن على حقوقه ومقدساته.

على أن سيدنا عيسى عليه السلام بدأ دعوته ببنى إسرائيل خاصة، كما جاء فى إنجيل متى وهو يقص محاورة المرأة الكنعانية لعيسى، وهى غير إسرائيلية، فأجاب عيسى وقال: لم أرسل إلا إلى خراف بني إسرائيل الضالة (٢). فليس فى المسيحية نص على عالميتها، وما نشطت الدعوة إليها إلا بعد اعتناق الرومان لها، وقد بقيت نحو ثلاثة قرون محصورة فى طوائف مبعثرة، ولم تقم لها دولة إلى أن تولى


(١) ص ٥٧ - ٥٩
(٢) اصحاح ١٥: ٢١ - ٢٩

<<  <   >  >>