بدأ الرسول - صلى الله عليه وسلم - يبلغ رسالة ربه كما أمر، وكان من الطبيعى أن يعلم بها أولا أسرته التى علمت خبر الناموس من أول مجيئه، فاستجاب للدعوة خديجة وعلى وزيد بن حارثة. وعلم بهذا الأمر خاصة أصحابه فأسلم أبو بكر الصديق، الذى استطاع أن يضم إلى حظيرة الإسلام من أنس فيهم الخير، كعثمان ابن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص ... ثم أسلم غيرهم من السابقين.
ثم خرجت الدعوة عن نطاق الأسرة الخاصة ومدت رواقها إلى الأسرة العربية العامة التى تمثلها الشخصيات المذكورة، ولم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - ليواجه الناس بها علنا قبل أن يجس النبض ويتخذ له أعوانا، وحتى يقلب الناس النظر فى الدعوة الجديدة ويبحثوها على مهل. فاستمر على النهج السرى فى الدعوة الذى لا يعدو سماع الناس به وإعجابهم بما جاء به أو دهشتهم إليه.
وقد يكون أمر هذه الدعوة سهلا لو أنها كانت مجرد فكرة لمحمد ولمن يعجب به، دون أن يكلف بعرضها على غيره، ويعلن بها جهرا أنها تهدم ما تواضع عليه