تعال معى أيها القارئ لنصاحب ركب الدعوة فى العالم الغربى، فقد فتحت أسبانيا فى القرن الأول الهجرى وعاش فيها الإسلام نحو ثمانية قرون، حتى أصدر فرديناندو إيزابيلا سنة ١٥٠٢ مرسوما بإلغاء شعائر الدين الإسلامى فى جميع أرجاء البلاد، حتى خرج العرب لآخر مرة سنة ١٦١٠ م.
وقد كتبت أسبانيا فى هذه المدة صفحة من أنقى الصفحات وأسطعها فى تاريخ أوروبا فى العصور الوسطى، ومنها تلقى العلم طلابه من جميع أصقاعها بعد أن كانت البلاد ترزح تحت نير الإضطهاد، وتعيش فى جو خانق من الفساد الخلقى وتحكم السادة فى العبيد، حتى أن مؤرخى المسيحية قالوا: لقد ظهر أن الحكم الإسلامى كأنه عقاب نزل بهؤلاء الذين ضلوا الطريق السوى، واتجهوا نحو الرذيلة.
تحول كثير من الأهالى إلى الإسلام، ونعموا بمبادئه الخالدة، وكان هناك انسجام ومصاهرة وإقبال على تعلم اللغة العربية، ونبغ كثير منهم فى آدابها، حتى المسيحيون واليهود منهم، وتسمى كثير من هؤلاء بأسماء عربية، وقلدوهم فى بعض النظم الدينية كالختان، كما أثرت العقيدة على أفكار