والغرب حين أراد أن يستغل ثروات الشرق أو يبسط نفوذه عليه، أنشأ الدراسات الواسعة والهيئات العلمية الضخمة التى تضم كبار المختصين فى جميع الفروع مع إغداق الأموال على هذه الجهود واستمروا يجمعون المعلومات تحت أسماء مختلفة، وبشعارات خلابة خداعة، حتى استطاعوا أن يعرفوا من دقائق البلاد مالا يعرفه أهلها، وحتى استيقظ الأهالى فوجدوا أنفسهم تلاميذ لهؤلاء الأجانب أخص ما كان يجب عليهم أن يعرفوه.
وبعد هذه المعرفة الشاملة استطاعوا أن يخططوا للوصول إلى الأغراض التى يريدونها، فكان عملهم سليما، وجهدهم مثمر لأنه قام على أساس متين. فالدعوة الإسلامية للدين العالمى لابد لها من دراسة واعية للأرض التى تلقى فيها البذرة، ومعرفة أجوائها المختلفة ليمكن أن نجنى من وراء الجهد ثمرة طيبة.
وإن من الحمق أن نجمد على أسلوب معين اتخذه السابقون فى نشر الدعوة لنسير عليه ولا نحيد عنه، ونردد قولنا: الاتباع خير من الابتداع، ونطبقه على عمومه فى كل المجالات، ذلك أن الظروف تتغير والعالم يتطور، والبلاغة فى القول والعمل هى مراعاة مقتضى الحال.