الخالصة من الشوائب، والتجرد من جميع الصبغ الوضعية ومن الهوى في الحكم على الأشياء، والاجتهاد في تحصيل العلم حيث كان، وعند أية أمة وجد، والأخذ بالأحسن من كل شيء، والعمل بمبدأ حرية البحث وعدم الاستخذاء للتقليد، وعدم الجمود على شيء والجري على سنة التجديد، استبقاء للتناسب بين أهله وبين كل جديد، واعتبار الفضائل وسائل لبلوغ الكمال الذي قدره الخالق للإنسان في هذا العالم، واعتبار وحدة الإنسانية وأن الناس ما انقسموا إلى أمم وشعوب وقبائل ليتخالفوا ويتناكروا، ولكن ليتعارفوا ويتحابوا، وأن باب الاجتهاد في الدين وفي الأحكام مفتوح إلى يوم القيامة، لا تختص به طائفة ولا تستأثر به أسرة.
هذه هي الأصول الأساسية في الإسلام، وكلها كما ترى أصول حاصلة على إجماع أهل العلم والفلسفة في العصر الحديث، وهي مع هذا أصول خالدة قابلة للتطبيق في كل زمان ومكان، وفي كل أمة من أمم الأرض كتب لها السمو وطول البقاء. فهل نعجب بعد هذا البيان من قولنا: إن تعاليم الإسلام خالدة خلود النواميس الطبيعية وأنها تصلح لكل زمان ومكان؟ (١)