للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النَّاسُ الإِمامَ أو يتأخرُوا عنهُ لكنْ مَنْ أراد الصَّلاَةَ مَعَهُ فَيَنْبَغِي أنْ يَكُونَ قَرِيباً مِنْهُ ثُمَّ إِنَّ الْجُمْهُورَ مِنْ أصحَابِنَا أطْلَقُوا الْقَوْلَ بتأْخِيرِ الصَّلاَتَيْنِ إلى المُزْدَلِفَةِ (١).

وقالَ جَمَاعَة يُؤخّرُهُمَا ما لم يَخْش فَوْتَ وَقْتِ الاختيار للعِشاء وهو ثلث الليل على القول الأصح وعلى قول نِصْفُ اللَّيلِ فإنْ خَافَهُ لَمْ يُؤَخرْ بَلْ يَجْمَعُ بالنَّاسِ في الطَّرِيقِ وإذا وَصَلَ المُزْدَلِفَةَ (٢) فَقَدْ اسْتَحَب الشافِعِي رحمَهُ اللهُ تعَالَى أنْ يُصَلِّي (٣) قَبْلَ حَط رَحْلِهِ ولا يُنيخُ الجمَالَ ويَعْقِلُهَا حتَى يُصَلّي لأنَّهُ ثَبَتَ في الصَّحيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أسامَةَ بْنِ زَيْدِ رضي الله عنهما أنَّ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلوا المغرب والعشاء مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولَمْ يَحُطُّوا رحالَهُمْ حتَّى صَلَّوْا العشاءَ (٤) وَالله تعالى أعلمُ، ثُم إِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا يكُونَ عَلى


(١) أي لخبر الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: (أنه - صلى الله عليه وسلم - دفع من عرفة حتى إذا كان بالشعب الأيسر نزل فبال ولم يسبغ الوضوء، فقلت له: الصلاة، فقال: الصلاة أمامك. فركب. فلما جاء إلى مزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها ولم يصل بينهما شيئاً)، ومعنى لم يُسْبغ الوضوء أي لم يكمله، بأن لم يثلثه.
(٢) يقول دعاء المزدلفة وهو: (اللهم أني أسالك أن ترزقني جوامع الخير كله، وأن تصرف عني الشر كله، لا يفعل ذلك ولا يجود به إلا أنت).
(٣) أي المغرب لما تقدم في حديث أسامة: فصلى المغرب ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء فصلاها. وفي أخرى له أيضاً أنهم لم يزيدوا بين الصلاتين على الإناخة فتستثنى هذه من ندب الموالاة بين الصلاتين في جمع التأخير كما في الحاشية.
(٤) لما في رواية مسلم: (فأقام المغرب ثم أناخ الناس في منازلهم ولم يحلوا حتى أقام العشاء الآخرة فصتى ثم حلوا).

<<  <   >  >>