كتاب الإيضاح في مناسك الحج والعمرة

الباب الأول في آداب سفره وفيه مسائل - فصل مختصر جدا فيما يتعلق بوجوب الحج - ص: 100

وأمّا اسْتِطَاعَةُ التحْصيلِ بِغَيْرِهِ فَهُوَ أَنْ يَعْجِزَ عَنْ الْحَج بِنَفْسِهِ بِمَوْت (١) أوْ كِبَير أوْ زَمانة (٢) أوْ مَرَض لاَ يُرْجَى زَوَالُهُ (٣) أوْ هَرَم بِحَيْثُ لا يَسْتَطِيعُ الثبُوتَ على الرَّاحِلَة إِلا بِمَشَقة شديدَة (٤) وهَذَا العَاجِزُ الْحَي يُسَمَّى مَعْضُوباً (٥) بالْعَيْن المُهْمَلَةِ والضادِ المُعْجمَةِ ثم تَجِبُ الاسْتِنَابةُ (٦) عن المَيّت (٧) إذَا كَانَ قَدْ اسْتَطَاعَ في حَيَاتِهِ وَلَمْ يَحِج هَذا إذَا كَانَ لَهُ تَركةٌ وإلا فَلاَ يَجِبُ على الْوَارِثِ، وَيَجُوزُ (٨) لِلْوَارِثِ والأَجْنَبِي (٩) الحَجُّ عنهُ سَواءٌ أوْصَى به أم لا وأمَّا

---

(١) خرج بالموت نحو الجنون والمرض المرجو زواله، فلا تجوز الإنابة بسببهما ومقطوع الأطراف لأنه يمكنه الثبوت على الراحلة فلا تجوز له الإنابة.
(٢) الزمانة: هي الابتلاء والعاهة وضعف الحركة من تتابع المرض وهي العضب.
(٣) أي بقول عَدْلَيْ طب أو معرفة نفسه إن كان عارفاً، وبه قالت الحنابلة وقالت الحنفية: من يرجى برؤه ينيب، فإن قدر على الحج بنفسه لزمه وإلا أجزأه ذلك والله أعلم.
(٤) المشقة الشديدة هي كما تقدم ما يخشى منها محذور تيمم أو لا يطاق الصبر عليها.
(٥) أي من العضب وهو الضعف أو القطع لانقطاع حركته هذا هو الأشهر ويجوز بالصاد المهملة كأنه قطع عصبه أو ضرب.
(٦) أي فوراً وذلك لخبر الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت: إن أمي نذرت أن تحج فماتت قبل أن تحج أفأحج عنها؟ قال: "نعم حجي عنها، أرأيتِ لو كان على أمك دَيْن كنت قاضيته عنها". قالت: نعم، قال: "اقضوا حق الله فالله أحق بالوفاء". شبه الحج بالدين وأمر بقضائه فدل على وجوبه.
(٧) أي غير المرتد، أما هو فلا تصح الإِنابة عنه، وهو معلوم من تعبيره بقوله: له تركة، إذ المرتد والعياذ بالله لا تركة له، بل ماله فيء للمسلمين بخلاف ما لو ارتد المستطيع فأسلم ومات مسلماً قضي من تركته.
(٨) أي بل يسن فعل النسك عن الميت للوارث وغيره، وللأجنبي أيضاً لكن القريب آكد لا سيما الوارث.
(٩) أي ولو بغير إذن القريب ويفرق بينه وبين توقف الصوم عنه على إذن القريب =