للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني:

أهداف الإعلام العقدي في القرآن

كان تصحيح العقائد، والمفاهيم والتصورات، عن الخالق سبحانه، وعالم الغيب؛ هو أحد المقاصد الرئيسة للوحي الإلهي، المنزل على الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام؛ ولهذا فلا نستكثر كل هذا الكم الهائل من الآيات الكريمات، التي تناولت الجانب العقدي من مختلف جوانبه، ولا نستكثر أيضاً انقضاء العهد المكي في تثبيت العقيدة، وترسيخ معانيها.

ويمكن لنا من خلال النقاط التالية بيان أهداف الإعلام العقدي في القرآن الكريم:

o تعريف الخلق بربهم سبحانه، معرفة صحيحة، تخلو عن الأوهام، والظنون، وأنه سبحانه متفرد بالخلق والأمر ومثل هذا قوله عزَّ وجلَّ {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} (١) قال العلامة السعدي رحمه الله: يقول تعالى مبينا أنه الرب المعبود وحده لا شريك له: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} وما فيهما على عظمهما وسعتهما، وإحكامهما، وإتقانهما، وبديع خلقهما. {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} فلما قضاهما وأودع فيهما من أمره ما أودع {اسْتَوَى} تبارك وتعالى {عَلَى الْعَرْشِ} العظيم الذي يسع السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، استوى استواء يليق بجلاله وسلطانه، فاستوى على العرش، واحتوى على الملك، ودبر الممالك، وأجرى عليهم أحكامه الكونية، والدينية، ولهذا قال: {يُغْشِي اللَّيْلَ} المظلم {النَّهَارَ} المضيء، فيظلم ما على وجه الأرض، ويسكن الآدميون، { ... يَطْلُبُهُ حَثِيثًا} كلما جاء الليل ذهب النهار، وكلما جاء النهار ذهب الليل، وهكذا أبدا على الدوام، حتى يطوي الله هذا العالم، {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ} أي: بتسخيره وتدبيره، الدال على ما له من أوصاف الكمال، فخَلْقُها وعِظَمُها دالٌّ على كمال قدرته، وما فيها من الإحكام، والانتظام، دال على كمال حكمته، وما فيها من المنافع،


(١) - سورة الأعراف، آية: ٥٤.

<<  <   >  >>