للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الثاني

أهداف الإعلام السياسي في القرآن الكريم

تسمو غايات، وأهداف القرآن الكريم، في جميع ما يتناوله من موضوعات؛ فترتفع عن الشخصانية، والهوائية، والعصبية البغيضة، وتعلو بالمكلفين إلى درجات من الصلاح، والاستقامة، بما يحقق لهم حياة كريمة، وعيشاً مستقراً.

ومَنْ تأمل في القرآن الكريم، مِنْ جانب التوجيهات الإعلامية السياسية، وجد أهدافاً محددة أكد عليها الكتاب العزيز، ومن هذه الأهداف:

[١ - إعلان الحاكمية لله سبحانه]

الله تعالى هو الحكم المطلق، الذي له الخلق والأمر، لا معقب لحكمه، ولا راد لأمره، قال سبحانه {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} (١) أي وحده وليس لأحد سواه " القضاء قضاؤه، والأمر أمره، فما قضاه وحكم به لا بد أن يقع " (٢).

وقد اعتنى القرآن الكريم عناية فائقة بالحاكمية، ويرجع هذا الاهتمام إلى أن مصير الأمة متعلق بهذه القضية، لأن الحاكمية لله عز وجل في جميع نواحي الحياة وجزئياتها سبيل سعادة الناس، والاطمئنان في معاملاتهم، ومعايشهم؛ قال سبحانه {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٥٤)} (٣).

فحاكمية الله تعالى على خلقه من لوازم توحيده رباً خالقاً مدبراً، وإلهاً معبوداً متفرداً، قال سبحانه ... {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٤) ومثله قوله سبحانه {وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (٥) فالله تعالى "هو الحاكم في الدارين، في الدنيا، بالحكم القَدَري،


(١) - سورة الأنعام من الآية ٥٧، وسورة يوسف من الآيتين ٤٠ و٦٧
(٢) - تفسير السعدي / ٥٥١
(٣) - سورة الأعراف. آية: ٥٤
(٤) - سورة القصص. آية: ٧٠
(٥) - سورة القصص. آية ٨٨

<<  <   >  >>